رضيت فقالت لهما: قولا شعراً، على أن روى واحد، وقافية واحدة، تصفان فيه الخيل. فقال امرؤ القيس أولها:
خليلَّي مُرَّا بي على أُمَّ جُنْدَب ... لِنَقضِيَ حاجات الفؤاد المعذب
وعارضها علقمة بمثلها ومطلعها:
ذهبت من الهجران في كل مذهب ... ولم يك حقّاً كل هذا النجب
وأنشدها. فحكمت لعلقمة. فقال لها زوجها: بأي شيء غلّبته؟ فقالت: لأنك قلت:
فللَسوط أُلهوبٌ وللساق دَرّة ... وللزجر منه دَفعُ أَخرَجَ مُهْذِب
فَجَهدْت فرسك بسوطك، ومَرَيته بساقك، وأتعبته بجهدك. وقال علقمة:
فولى على آثارهن بحاصب ... وعيبة شُؤْبوب من الشد ملهب
فأدركهن ثانيا من عنانه ... بمرٍّ كمر الرائح المُتَحَلبِ
فلم يضرب فرسه بسوط، ولم يمره بساق، ولم يتعبه بزجر. فلم يكن لامرئ القيس من ردّ إلا أن طلقها! وتلك آية العجز عن مقاومة الحجة بالحجة. أما هي فقد خلفته على صاحبه.
أما الثانية، فحديث الخنساء بنت عمرو بن الشريد.
ذلك أن النابغة الذبياني كان حكماً يحتكم إليه الشعراء في عكاظ. فكان فيمن تقدم بين يديه الخنساء، وحسان بن ثابت فلما أنشدته الخنساء قصيدتها التي تقول فيها: