وخرج أبوها فجلسوا إليه، فرحبت بهم فقالوا: بلغنا أنك بنتاً ونحن كما ترى شباب. وكلنا يمنع الجانب، ويمنع الراغب. فقال أبوها: كلكم خِيارٌ فأقيموا نر رأينا. ثم دخل على ابنته فقال: ما ترين؟ فقد أتاك هؤلاء القوم، فقالت: زوجني على قدري، ولا تُشْطط في مهري، فإن تخطئي أحلامهم. لا تخطئني أجسامهم. لعلي أصيب ولداً، وأكثر عدداً. فخرج أبوها فقال: أخبروني عن فضلكم. قالت ربيبتهم الشعثاء: اسمع أخبرك عنهم: هم إخوة، وكلهم أٌسوة. أما الكبير فمالك، جري فاتك، يُتْعب السنابك، ويستصغر المهالك. وأما الذي يليه فالغَمْر، بحر غَمر، يقصر دونه الفخر، نَهْد صَقْر. وأما الذي يليه فعلقمة، صُلْبُ المُعْجمة، منيع المشتمة، قليل الجَمجمة. وأما الذي يليه فعاصم، سيد ناعم، جَلد صارم، أبيٌّ حازم، جيشه غانم، وجاره سالم. وأما الذي يليه فثُؤاب سريع الجواب، عتيد الصواب، كريم النصاب، كليث الغاب. وأما الذي يليه فُمدرك، بَذُول لما يملك، عزوب مما يترك، يفني ويهلك. وأما الذي يليه فَجْندلٌ، لقرنه مُجدل، مقل لما يحمل، يعطي ويبذل، وعن عدوّة لا ينكل. فشاورت أختها فيهم. فقالت أختها عَثمة: ترى الفتيان كالنخل، وما يدريك ما الدخل. اسمعي مني كلمة: إن شر الغريبة يعلن، وخيرها يدفن، تزوجي في قومك، ولا تغررك الأجسام. فلم تقبل منها. وبعثت إلى أبيها: زوجني مدركا. فتم ذلك على مائة ناقة ورعاتها. وحملها مدرك. فلم تلبث عنده إلا قليلا حتى صَبَّحَهم فوارس من بني مالك بن كنانة. فاقتتلوا ساعة. ثم انكشفت عنها زوجها واخوته وعشيرته. فسيبت فيمن سبين من النساء - فبينما هي تسير بكت - فقالوا: ما يبكيك؟ أعلى فراق زوجك؟ قالت: قبح الله جمالا لا نفع معه - إنما