فأما حديثها ووصف إهانتها فأنتن في غنى عنه لأنه موجع مؤلم، وليس لمثلي أن يفوه به فأنا أخجل أن أُقرن بين يدي الله إلى صبية آثمة.
هنالك أخذت كل واحدة تفتش في ثوبها هل تجد بين حواشيه تلك الفتاة الآثمة فأما من ذكرت لأمها قبلة، أو اعتناقة، أو دعوة بخير، فتلك الظافرة المبتهجة.
أما صبيتنا فقد ودَّت لو انفجرت الأرض فوارتها بين أحشائها. ولو وفقت إلى ذلك لتلمست المهرب من غضب الله، وإيلام الضمير فلا تجده.
أقامت الصبية نهارها، ولو أقامته على أنياب الأفاعي لكان أهون عليها وأروح لها مما لقيت. حتى إذا آذنت المدرسة بالانصراف، خرجت وهي تتلفت في كل ناحية. فما كادت تنتهي إلى أمها حتى ارتمت مُكِبَةً عليها، تقبلها وتبللها بدموعها. ومنذ ذلك الحين أصبحت أسمى البنات أدبا. وأسمحهن خلقا.
فيا أيها الماضون في تعليم البنت وطنوا أنفسكم قبل أن تبدءوا أعمالكم، أن تجعلوا
الدين علمها الخفاق على رأسها، وإكليلها المشرق فوق جبينها، وكوكبها المتألق في ظلمات الدهر، ومدلهمات الخطوب. وإِلا فقدتم خلقها، وهو أعز ما ملكت يمينها. وهنالك لا تجدون العلم إلا مدرجة الشر، وسبيل الفساد؟