ذلك الإخاء الشامل هو الذي حمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يزَّوج ابنه عاصماً - وهو أحب أبنائه إليه - من ابنة امرأة بيع اللبن في الطريق، وهو لو شاء زَفَّ إليه وأعز امرأة في العلم. ولكنه أثر الخلق العظيم على البيت الكريم، والمجد القديم، وتفصيل ذلك فيما رواه الميداني أن عمر رضي الله عنه مرّ بسوق الليل - وهي أسواق المدينة - فرأى امرأة معها لبن تبيعه، ومعها بنت شابة. وقد همت العجوز أن تمذق لبنها - تخلطه بالماء - فجعلت الشابة تقول: يا أُمَّه لا تمذقيه ولا تغُشّيه. فوقف عليها عمر فقال: مَن هذه منك؟ قالت: ابنتي: فأمر عاصماً فتزوجها.
أقول: وقد أنجبت هذه المرأة - فيمن أنجبت - أورع وأعدلهم وأجلّهم عمر ابن
عبد العزيز، فهي جدَّته لأمه. رضي الله عنهم أجمعين.