ثم لما اقترف الخليفة المجرم الطاغية يزيد بن معاوية فعلته، بحفدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام المختار بن أبي عبيدة الثقفي للانتقام له، والاشتفاء من قَتَلته، كان النساء في عونه ورفقته. وبهن وبمن إليهن من الرجال أوقع القاضية بالبغاة المعتدين على أنه أخذ بالشبهة، وأسرف في الدماء. فقصده مصعب بن الزبير، وغلبه على أمره. حتى ضرب عليه النطاق حول قصره بالكوفة. وفي تلك الساعة الضائقة المرهقة، خلاه رفاقه، فلم يبقى إلا الأوفياء المخلصون، وقليل ما هم، على أن النساء بَدَ أ، فعالهن كعادتهن في كل خطب فدح وجدٍ نبا. فلقد كانت المرأة تخرج من منزلها معها الطعام واللّطف والماء قد ائتزرت عليه،
والتفعت فوقه، وأرسلت خمارها على وجهها وصدرها، كأنما تريد المسجد الأعظم للصلاة، أو تقصد النّفلة لذوات قرباها، فإذا دنت من القصر فتح لها الباب، فدخلت فتركت ما معها، ثم خرجت لِطيَّتها.
وكان في الكوفة بيتان لامرأتين إليهما غلاة الشيعة، فيتسامرون ويتآمرون وهاتان المرآتان هما هند بنت المتكلفة الناعطية، وليلى بنت قمامة المدَنية.
وكانت ليلى لا تليق شيئاً ممن مالها في سبيل نشر دعوتها، وبث مبدئها. وكانت تبغض أخاها رفاعة بن قمامة لاقتصاده وفتور أرْيَحيه.
ومن هنالك خفقت نسمة التشيع، فانتظمت نغمتها بلاد فارس وخراسان وما وراءهما. وكان ذلك مما هيأ لآل رسول الله تنظيم دعوتهم، وإقامة دعامتهم