وفي بصبص يقول هرون بن محمد بن عبد الملك:
بصبص أنت الشمس مزدانةً ... فإن تبدلت فأنت الهلال
سبحانك اللهم ما هكذا ... فيما مضى كان يكون الجمال
إذا دعت بالعود في مشهد ... وعاونتن يمنى يديها الشمال
غنت غناء يستفز الفتى ... حذقاً وزان الحذق منها الدلال
وممن شغف بهذه الجارية من أبناء الأشراف: محمد بن عيس الجعفري وقد هام
بها طويلا ثم لما عز عليه طلابها سلى نفسه بعض السلو عنها، ومن حديثه أنه قال لصديق له لقد شغلتني هذه الجارية عن صنعتي وكل أمرى، وقد وجدت مس السلو عنها، فأذهبت بنا إليها حتى أكاشفها ذلك وأستريح فأتياها، فلما غنتهما قال لها محمد بن عيسى: أتغنين:
وكنت أحبكم فسلوت عنكم ... عليكم في دياركم السلام
فقالت: لا. ولكني أغني:
تحمل أهلها عنها فبانوا ... على آثار من ذهب العفاء
فاستحيا محمد، وبدل بالسلو كلفا ووجداً، وأطرق ساعة ثم قال لها: أتغنين:
وأخضع بالعتبى إذا كنت مذنباً ... وإن أذنبت كنت الذي أتنصل
قالت: نعم. وأغني أحسن منه.
فإن تقلبوا نقبل بمثله ... ونزلكم منا بأقرب منزل
فتقاطعا في بيتين وتواصلا في بيتين، وما شعر بهما أحد
وحضر أبو السائب المخزومي مجلساً فيه بصبص فغنت:
قلبي حبيس عليك موقوف ... والعين عبري والدمع مذروف
والنفس في حسرة بغصتها ... وقد شف أرجاءها التساويف