وكان مما فخر به محمد أمومة سيدتي نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله وخديجة أم المؤمنين، فكان مما أجاب به أبو جعفر أما بعد فقد أتاني كتابك وبلغني
كلامك، فإذا جل فخرك بالنساء لتُضل به الجفاة والغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة، ولا الآباء كالعَصَبة والأولياء ومن ثم أخذ العباسيون يتناولون أمر المرأة بالتهوين وقرابتها بالوهن وعقدتها بالانحلال كلما سنحت سانحة أو جدَّت داعية، وأخذ شعراؤهم وعلماؤهم وذوو آرائهم يُبْعِدون ما بين الرجل والمرأة كأن الله تعالى لم يجمع بينهما في كل موطن من كتابه العزيز.
ولما قال مروان بن أبي حفصة شاعر العباسين يخاطب العلويين ويمدح العباسيين
خلقوا الطريق لمعشر عاداتهم ... حطم المناكب كل يوم زحام
ارضَوْا بما قسم الإله لكم به ... ودعوا وراثة كل أصيدَ حام
أَّني يكون وليس ذاك بكائن ... لبنى البنات وراثة الأعمام
بذل الرشيد مائة ألف وعشرة آلاف درهم، وما زال شعراء العراق يتداولون هذا المعنى تزلفاً لبي العباس واستدراراً لأموالهم ويكثرون الأخذ به واللجاج فيه حتى قال محمد بن يحيى التغلبي ردّاً عليهم:
لم لا يكون وإن ذاك لكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
للبنت نصف كامل من ماله ... والعم متروك بغير سهام
ما للطليق وللتراث وإنما ... صلى الطليق مخافة الصمصام
وما زالت المرأة مَبتَّ هم أبي جعفر ومثار ألمه فلم تفته حتى آخر عهده من الدنيا وأول عهده من الآخرة حيث كانت آخر وصيته لولده المهدي وإياك والاستماع إلى مشورة النساء وأظنك ستفعل.