أعرابي لا شأن له أكثر مما لغيره من سراة أهل البادية وهو مع ذلك لا يعد الهجناء من أبناء الخليفة أكفاء لبناته، لأن المرأة كانت في العهد الأموي كما كانت في العهد الجاهلي في أدق مشاعر العزة والكرامة من نفس الرجل، أما الآن في هذا العهد العباسي فقد أخذ الرجل العربي يتجنى على المرأة العربية لأنه رأى من غيرها ما بهر لبه وسحر عينيه، ولأن حميته وعصبيته تردتا تحت أثقال شهوته، ومن ثم أخذ يعرض بها ويوازن بينها وبين غيرها، وذاع في هذا العهد قولهم: من أراد قلة
المئونة وخفة النفقة وارتفاع الحشمة فعليه بالإمام دون الحرائر، واشتهر قول من يقول: عجبت لمن استمتع بالسراري كيف يتزوج المهائر. وأول من جهر بهذا الصوت في المفاضلة الشاعر المبيح بشاربن برد، ومن قوله في وصف قينة:
وأصفر مثل الزعفران شربته ... على صوت صفراء الترائب رودِ
كأن أميراً جالساً في ثيابِها ... تؤمل رؤياه عيون وفود
من البيض لم تسرح على أهل ثَلّة ... سواما ولم ترفع حِدَاج قَعود
تميت به ألبابنا وقلوبنا ... مراراً وتحييهن بعد هجود
إذا نطقت صحنا وصاح الصدى ... صياح جنود وجَّهت لجنود
ظللنا بذاك الديدن اليوم كله ... كأنا من الفردوس تحت خلود
ولا بأس إلا أننا عند أهلنا ... شهود وما ألبابنا بشهود
ومن قوله:
وصفراء مثل الخيزرانة لم تعش ... ببؤس ولم تركب مطية راع
إذا قلدت أطرافها العود زلزلت ... قلوبا دعاها للوساوس داع
وعلى أثر هذا الشاعر درج الشعراء على الغض من شأن المرأة العربية والزراية