حَسْرى؟ وهل تبصر إلا واتراً وموتوراً، قاهراً ومقهوراً؟ وهل تُحسُّ الأُلفاء والقرَناء بإخاء صاف، وودّ غير مدخول؟ وهل تعلم في القوم إلا الخُلق المضطرب، والخَلة المُموّهة، ويداً شعث الكلب، وتدمي قلوب الشعوب، فما ينهل من الدم ويشكو الأوام، فأين يد المرأة أثرها، غير تهذيب النفوس وتطهير القلوب خُلقت المرأة؟
لكل ذلك أُناشد نساءنا أن يَسْدلن الحُجٌب بينهن وبين نساء أوربا ففي أمهاتنا الأوليات فضل وغَناء. أولئك اللواتي نَستَنُّ عن طيب عروقهن وكرم أخلاقهن، وتلك دماؤهن تترقق بين جوانحنا وأعطاف قلوبنا. فأما نحن فيه من مظاهر النَّوْة بالواجب والنّكول عن الجد فإنما هو صدأ عارض وغشاء مستحدث علينا تطاول الزمن وتتابع الحادثات وما أصابنا في سبيل ذلك من فداحة الظلم وذل الإسار.
ففي سبيل الكمال المُطلق، والحياة الخالدة، أسواق حديث المرأة لا إلى النساء فحسبُ، بل إليهن وإلى الرجال معهن فإن صلاح كل من الفريقين لا يقوم إلا على صلاح صاحبه، والتجاوز له عن حقه الذي شرع له، وسيعلم الناس مبلغ تلك المرأة في عهد جاهليتها من قّوة النفس. وحرمة الرأي، وعزة الجانب، ونبل الخليقة، وكيف انتهى بها الإسلام إلى أبعد مدى من الحياة ونهج لها أوضح سُنَّة من الفضائل وألبسها أحسن لَبوس من جلال الكمال وجمال الخلال.
لذلك أنشأت كتابي مستعيناً بعناية الله، مستهدياً بهداه وحده وليّ النُّجْح، وهادي