السلطان وأخوه أبو حمو جالسان في بعض خاصتهما دخلت دعد قهرمانة القصر وقالت: يقول لكم حظايا قصركم وبنات زيَّان حُرمكم: ما لنا وللبقاء وقد أحيط بكم وأسف عدوّكم لا لتهامكم، ولم يبقى إلا فواق ناقة لمصارعكم، فأريحونا معرة
السبي وقرَّبُونا إلى مصارعنا وأريحوا أنفسكم فينا فالحياة في الذل عذاب والوجود بعدكم عدم، فالتفت أبو حمو إلى أخيه السلطان فقال قد صدقناك الخبر فما تنتظر بهن؟ فقال يا موسى أرجئني ثلاثاً لعل الله يجعل بعد عسر يسراً. فقال إلى تخرج مع قومنا إلى عدونا فتستميت ويقضي الله ما شاء! فغضب أبو حمو وأنكر عليه تأخير ذلك، وقال إنما نحن والله نتربص المعرة بهن وبأنفسنا. وقام عنه مغضباً وأجهش السلطان بالبكاء فبينما القوم في مجلسهم هذا دخل حَرَسي فقال: إن السلطان يوسف بن يعقوب - ملك بني مرين - قتل الساعة. وبمقتله انفض جيشه وذهب عن أبي زيان وعن قومه ما كانوا فيه من خوف وإشفاق. ولولا ذلك لذبحوا نسائهم ويناتهم وحظاياهم بقياً على العرض وأنفة من العار.
ومن أعجب ما يؤثر من غضبة الشعب للمرأة وأنفته لها وثورته من أجلها، أن السلطان عبد الحق بن أبي سعيد المريني لما لم يجد غناءً في وزرائه استعان برجلين من اليهود، فكانت رياستهما محنة على الأمة وبلاء على العباد، فلم يدعا وسيلة من الخسف والأذى في الأرواح والأموال إلا اتخذاها في غير حرج ولا هوادة، وصبرت الأمة لهذه النازلة وراضت نفوسها على احتمال تلك الكارثة، وكان احتمالها بالغاً وصبرها جميلاً، كان ذلك حتى ذاع في البلاد أن أحد اليهوديين قبض على امرأة شريفة وأمر بضربها بين يديه! وهنا اشتعلت النار الخابية واستطارت النفوس الوادعة وتمشت رجالات فاس بعضهم إلى بعض، فاجتمعوا عند خطيب القرويين الفقيه أبي فارس عبد العزيز بن موسى، وهنالك ائتمروا فيما بينهم، على الفتك باليهود وثل