للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان من القبائل من اتخذت آباءها منتهى أنسابها كمضَر وربيعة فإن منها من آثرت الانتساب إلى أمهاتها كخِنْدف وجديلة.

وإذا كان من الملوك من نسب إلى أبيه كالنعمان بن المنذر، فمنهم من نسب إلى أمه كعمرو بن هند. على أن المناذرة جميعاً نسبوا إلى أمهم ماء السماء وهي ماوية بنت عوف بن جشم ملكة وأم العراق وأم ملوكها. وإليها ينتهي جلال الجمال الخلال؛ وعنها ورث ملوك العراق سناء الشرف ومضاء الذكاء وبها العرب يعْتَزُّن؛ وباسمها يقسمون ويعتزمون.

وإذا كان شديداً على الرجل أن يقال له: لا أدب لك؛ فأن أوجع من ذلك وأشد أن يقال له: لا أمّ لك.

وليس عجيباً بعد ذلك أن يقوم بن ربيعة بني عامر بين يدي النعمان ابن المنذر فييقولنحن بنو ربيعة أم البنين الأربعة وكذلك يجعل المرأة منزع القوم بأسرهم في فخرهم.

وما كان لأحد من العرب ان يجذب امرأته فخر تربية أبنائها: وفضل تأديبهم فكل ذلك منها مفيضة؛ وإليها مرجعه. حتى لو كانوا يلقبون المرأة إذا انحسرت عن ثلاثة بنين فَنُبه ذكرهم وذاعت بين الخافقين مآثرهم بالمُنْجبة ويتخذونها لذلك مضرب أمثالهم ومسار أشعارهم، ومساق مفاخرهم؛ وما كان الرجل في شيء من ذلك اللقب الكريم المجيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>