هذه أهم حمّات أو حمامات الشام المعدنية وأكثرها كما رأيت لا ينتفع بها الانتفاع المطلوب، وحالتها كما عرفت منذ القديم لا نظام فيها ولا أبنية للمستحمين حواليها. وقد عرف من تاريخ الرومان أنهم كانوا يُعنون من وراء الغاية بالحمامات المعدنية، فكانوا يبنون عليها أبنية بحسب مصطلحهم، ولكن لم نر أن العرب في هذه الديار عنوا بشيء من هذا القبيل اللهم إلا إذا كان ضاع عنا خبره لقلة التدوين. ولو أنها وقعت العناية اليوم بحماتنا على النحو الذي ينتفع به بعض الأصقاع التي تنبجس فيها مياه معدنية من إقامة المستحمات والمنازل لنزول طلاب الاستحمام وتدبيرها تدبيراً جديداً مرفهاً صحياً لكان منها منافع كثيرة لأبناء السام ومورد أرباح لها تأتي من ألوف من الغرباء والقرباء يقصدونها للانتفاع بها ويصرفون في جوارها أياماً وشهوراً يجعلون عليها مقاصير للتغميز والتمسيد، وأُخرى للتعريق، وغيرها للتبريد، وفنادق فيها شروط المدنية الحديثة، وحدائق وغابات تغرس بالقرب منها تحسن المناخ وتجمل المناظر الطبيعية
[نظرة في الفلاحة الشامية الحديثة]
[أقاليم الشام:]
أولاً: لا تقل حرارة غور الأردن عن مثلها في بعض الممالك العربية الحارة كالعراق ومصر. ففي إحدى السنين كان معدل الحرارة السنوي في طبرية ٧٠ - ٢١ درجة وهو لا ينقص عن ٥ - ٢١ درجة وقد يبلغ أكثر من ٢٢ درجة لا سيما في مناطق الغور الجنوبية. ولما كانوا يحسبون معدل الحرارة السنوي في القاهرة ٥ - ٢١ درجة وفي بغداد ٨ - ٢٢ درجة كانت حرارة الغور كافية لنمو كثير من الزروع والأشجار التي أغنت مصر وستغني العراق وأعظمها شأناً القطن. ويفضل إقليم الغور أقاليم مصر والعراق في أن أمطاره قلما ينقص ارتفاعها في السنة عن ٣٠٠ ميليمتر ولهذا يمكن زرع الحبوب الشتوية فيه عذياً، على حين لا يستطاع ذلك في مصر وفي معظم العراق لقلة الأمطار فيهما.