كان سيف الدولة يحمل بين جنبيه نفساً عظيمة، ولطالما حارب الروم وغزاهم، ومن الأحداث في أيامه إحراق حصن فامية سنة ٣٣٨ نازله الدوقس في ثلاثين ألفا وحاصره سبعة أشهر وأشرف على أخذه فدفعه عنه صمصامة والي دمشق فقتل الدوقس وقتل من عسكره أربعة عشر ألفا وأسر منهم خلق كثير وكسروا بعد أن ظهروا. ومنها أخذ سيف الدولة حصن برزويه من الأكراد بعد أن قاتلهم مدة. وفي السنة التالية خرج بسيل ملك الروم إلى الشام وفتح شيزر بالأمان لقلة رجالها. وفي سنة ٣٤٥ سار سيف الدولة إلى الروم فغنم وسبى وفتح عدة حصون ورجع إلى أذنة فأقام بها ثم ارتحل إلى حلب. ومن غزواته غزوة سنة ٣٤٩، أوغل في الروم وفتح حصوناً، فلما أراد الخروج من أرضهم أخذوا عليه الدرب الذي أراد الخروج منه، فقطعوا الأشجار وسدوا بها الطرق ودهدهوا الصخور في المضايق على جيشه، والروم وراء الناس مع الدمستق يقتلون ويأسرون. وكان مع سيف الدولة أربعمائة أسير من وجوه الروم فضرب أعناقهم، وعقر جماله وكثيراً من دوابه. وأحرق الثقل وقاتل قتال الموت ونجا في نفر يسير قيل في ثلاثمائة من غلمانه، واستباح الدمستق أكثر الجيش وأسر الأمراء والقضاة، ووصل سيف الدولة إلى حلب ولم يكد، وكان جيشه ثلاثين ألفا. وأرسل
الدمستق إلى سيف الدولة يطلب الهدنة فلم يجبه إليها مع ما حل به منه، ثم جهز سيف الدولة جيشاً فدخلوا بلد الروم من ناحية حران فغنموا وأسروا، وغزا أهل طرسوس أيضا في البر والبحر، ثم سار سيف الدولة من حلب إلى آمد ديار بكر فحارب الروم وخرب الضياع. قال مسكويه في وقعة ٣٤٩: وخرج أهل طرسوس من طريق آخر فسلموا، والسبب في سلامتهم ومصاب سيف الدولة، أن هذا الرجل كان معجباً، يحب أن يستبد برأيه، وألا تتحدث نفسان أنه عمل برأي غيره، وكان أشار عليه أهل طرسوس بأن يخرج معهم، لأنهم علموا أن الروم قد ملكوا عليه الدرب الذي يريد الخروج منه