خالد في إثر تيودرا وشنس وامتلأ المرج من قتلاهم فأنتنت منهم الأرض وهرب من هرب منهم فلم يفلتهم وركب أكتافهم إلى حمص.
هكذا تم فتح الشام على هذا الوجه المحكم في ثلاث سنين ولم تعص إلا قيسارية فإن معاوية فتحها سنة ١٩ بعد أن حوصرت نحو سبع سنين، وكان أهلها يزاحفون معاوية وجعلوا لا يزاحفونه مرة إلا هزمهم وردهم إلى حصنهم، ثم زاحفوه آخر ذلك وخرجوا من صياصيهم فاقتتلوا في حفيظة واستماتة فبلغت قتلاهم في المعركة ثمانين ألفا وكملها في هزيمتهم مائة ألف الطبري. وكانت قيسارية من أعيان أمهات المدن قيل كان مقاتلة الروم الذين يرزقون فيها مائة ألف، وسامرتها ثمانون ألفا، ويهودها مائة ألف ياقوت. وكان كتاب عمر إلى معاوية: أما بعد فإني قد وليتك قيسارية فسر إليها واستنصر عليهم وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا، نعم المولى ونعم النصير.
ومن المدن التي امتنعت وحوصرت زمنا طويلا مدينة عسقلان، كتب عمر بن الخطاب إلى معاوية يأمره بتتبع ما بقي من فلسطين ففتح عسقلان سنة ٢٣هـ صلحا بعد كيد. ويقال: إن عمرو بن العاص كان فتحها ثم نقض أهلها وأمدهم الروم، ففتحها معاوية وأسكنها الروابط ووكل بها الحفظة.
[سر نجاح المسلمين وقتال نسائهم يوم اليرموك:]
بمثل تلك الجيوش القليلة التي ظهرت على جيوش الروم ومن والاهم فتح العرب هذا القطر العزيز، وكانت قوتهم في معظم الوقائع على نسبة واحد إلى ثلاثة أو أربعة من قوة أعدائهم بعد أن قطعوا بوادي الحجاز والعراق والشام على جمالهم
وخيولهم، قليل عتادهم، جليل جهادهم. وساروا في فلوات لا ماء فيها يستقون منه، ولا مراعي يرعون فيها أنعامهم، ولا ميرة يمتارونها، وكل ما لديهم من الماديات قليل ضئيل، ولكن معنوياتهم كانت فوق معنويات من رحلوا إليهم وكان كل فرد من