للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تكن ابنة ساعتها، بل هنالك عوامل مهدت لها السبيل مدة قرون عديدة قبل ظهورها. ولذلك يهم كلاً منا معرفة تطورها.

وهذا ما يزيد في مكانة آثار الشام ويجعل إقبال العلماء عليها أكثر من سواها لعلاقتها الكبيرة بنظامنا الاجتماعي الحاضر. وقد أدركت جمعية الأمم هذا الأمر

واحتاطت له خوفاً من المزاحمة واستئثار دولة بهذه الآثار دون سواها، فاشترطت في المادة ١٤ من صك الانتداب أن القانون الذي سيسن لحماية العاديات يجب أن يستمد روحه مما يدعو إلى التنشيط أكثر منه إلى التثبيط، كما أنها اشترطت على الحكومة المنتدبة عند منحها إجازات بالحفر أن لا تتصرف بشكل يرمي إلى حرمان علماء أي شعب كان تلك الإجازات دون أسباب موجبة، وهكذا أصبح الباب مفتحاً لجميع الأمم.

[تأسيس دور الآثار:]

وقد تضاعف نشاط البعثات الأثرية الأجنبية عقب الهدنة في سنة ١٩١٨، وأظهرت قيادة جيوش الحلفاء في الشرق عناية كبرى بالآثار، وعهدت للأخصائيين في جيوشها بدرس آثار الشام ورفع التقارير عنها، وشددت النكير على العابثين بها. ومن جملة مقررات المؤتمر الفرنسي الذي عقد في مرسيليا سنة ١٩١٩ للبحث بشؤون الشام العامة اقتراح على الحكومة الفرنسية بإنشاء ديوان للآثار القديمة، والتشبث باسترجاع ما أخذته الحكومة العثمانية من آثار الشام، وقد حققت المفوضية الفرنسية في الشام الاقتراح الأول، فأنشأت لها ديواناً للآثار القديمة، وحذت المفوضية الإنكليزية حذوها في فلسطين وشرق الأردن.

ولم تكن الشام في عهد الملك فيصل أقل عناية من تينك الدولتين. فقد اغتنم هذه الفرصة بعض المفكرين وفي مقدمتهم الأستاذ مؤلف خطط الشام فاقترحوا على الملك إنشاء متحف في دمشق، فقوبل هذا الاقتراح بارتياح عظيم. وما لبث الملك أن أصدر أمره بذلك إلى الأستاذ بأمر تحقيقه على أن يكون فرعاً للمجمع العلمي العربي الذي أسسه الرئيس أيضاً. وأنشأت الحكومة السورية متحفاً آخر في حلب، وأنشأت حكومات لبنان وجبل الدروز والعلويين

<<  <  ج: ص:  >  >>