هدمهما، ولما انتهى الخبر إلى الوزير فرح جداً وأمر بخرابهما، ولبث المسلمون في تخريبهما أربعين يوماً. وجرت ١٠٢٥ وقائع بين أولاد ابن معن وأصحاب المقاطعات في لبنان وحرق الشوف والجرد والغرب والمتن وهلك كثيرون وكانت النصرة للقيسية خربت بيت معن، وكان بنو تنوخ أمراء الغرب منذ سنة ٥٤٢ يميلون إلى بني معن، فلما حاربتهم الدولة انتهز علي بن علم الدين اليمني والي الشوف الفرصة وقبض على أعيان المعنيين وقتلهم واستصفى أموالهم، ثم سار إلى قرية عبيه فدعاه الأمراء التنوخيون إلى مأدبة في سرايتهم فاغتالهم وقتلهم كلهم صغاراً وكباراً فانقرض التنوخيون بموتهم.
[عهد مصطفى الأول وعثمان الثاني:]
في سنة ١٠٢٦ توفي أحمد الأول وخلفه مصطفى الأول المعروف بالأبله فخلع بعد ثلاثة أشهر وخلفه عثمان الثاني ولم يجر في أيامه ما يستحق أن يدون في الشام اللهم إلا ما كان من حرب بين ابن معن وابن سيفا ١٠٢٨ فخرب ابن معن قرية عكار وسرايا بيت سيفا في طرابلس وخرب هذه كما خرب قلعة جبيل. ثم عاد مصطفى الأول سنة ١٠٣١ فتولى الملك أربعة عشر شهراً وخلع بعدها. إذ لم يعد في الإمكان ستر نقصه الذي كان يتولاه العلماء ليحكموا باسمه فأبرزوه في صورة ولي من الأولياء وما هو إلا أبله من البلهاء. فزادت الدولة خلال هذه الحقبة تغاضياً عن الشام حتى قويت شوكة المتغلبين وأرباب النفوذ في المدن والقرى والسهول والجبال، وأصبح القطر بلا راعٍ خصوصاً بعد الضعف الذي
ظهر من الدولة في العقد الثاني من هذا القرن في فتنة ابن جانبولاذ وحصار حصون ابن معن، وتجلى لأذكياء المتغلبة موقف الدولة معهم، فأصبحوا يزدادون في إرهاق الرعية. والولاة ليسوا دونهم في العنت والتخريب والقتل والنهب.
وكان نائب حلب محمد باشا ١٠٣١ ظلوماً غشوماً أخذ أموالاً كثيرة من كل قرية من غير سبب، وقضى أن لا تباع البضائع كلها إلا لمن عينه من جماعته ثم تباع من أحد السوقة بعد ذلك، فكان ظلمه مزدوجاً على المدني والقروي، وفي هذه السنة خرب صاحب الشرطة جميع قرى القنيطرة