الشيخ ظاهر إلى الأمير علي بك ما لقي من إسماعيل بك فابتدأ الأمير علي يجهز العساكر والجنود على نية الخروج لتملك الشام.
وفي هذه السنة قبض الأمير يوسف الشهابي على عدة من مشايخ آل حمادة فالتجئوا إلى وزير طرابلس وأتوا بعسكر إلى قرية بزيزا ووقع القتال بينهم في قرية ميون فانكسر عسكر طرابلس وحاصر بعضهم في برج في أسفل القرية ثم سلموا وساروا إلى طرابلس، وفيها بلغ الباب العالي ما فعله علي بك، فأمر والي دمشق أن يسير بخمسة وعشرين ألفاً لمنع جنود عكا من معاضدة علي بك فسار الوالي بالعساكر، فوافاه الشيخ ظاهر العمر في ستة آلاف بين جبل النيران وبحيرة طبرية ورده على أعقابه.
[حملة أبي الذهب على الشام:]
استكثر أمير مصر علي بك ١١٨٤ من جمع طوائف العسكر وأمر بسفر تجريدة إلى الشام وأميرها إسماعيل بك وكان أرسل أحد رجاله فقتل سليطاً شيخ عربان غزة هو واخوته وأولاده، فذهبت تجريدة من البر وأُخرى من البحر ووقعت بين جنده وحكام الشام وأولاد العظم حروب ومناوشات. وفي سنة ١١٨٥ أخرج علي بك من مصر تجريدة عظيمة وأميرها محمد بك أبو الذهب في جند كثير من المغاربة والترك والهنود واليمانية والمتاولة، وسافرت من طريق دمياط في البحر، فلما وصلوا إلى الديار الشامية حاصروا يافا وضيقوا عليها حتى ملكوها، ثم توجهوا إلى باقي المدن والقرى وحاربهم النواب والولاة فهزموا وقتلوا وفروا من وجه الجيش المصري، فاستولى على الممالك الشامية إلى حدود حلب. قال هذا الجبرتي، وقال غيره: إن محمد بك أبا الذهب لما وصل إلى الشام حضر إليه أولاد ظاهر العمر ومشايخ المتاولة وانضموا إلى عسكره فصار جيشاً عظيماً ينيف على الستين ألفاً، فسار محمد بك أبو الذهب طالباً دمشق، وكان عثمان باشا قد رجع من الحج فجمع العساكر لقتاله، فما لبث عثمان باشا أن انكسر فخيم أبو الذهب حول المدينة قاصداً حصارها، وأرسل إلى أهلها كتاباً يشير فيه إلى ما أتاه عثمان باشا من الظلم وإهانة الحجاج والزوار وظلم المسافرين والتجار، وأنه يريد أن يطهر هذه