الشهابي لحرب العرب العصاة في الصفا فاستسلموا له ومات من عسكره خمسون جندياً دنقاً.
نعم بدأ الاشمئزاز من حكومة محمد علي سنة ١٢٥٠ لما صدر أمره إلى ابنه إبراهيم باشا باحتكار أصناف الحرير للحكومة، وبضرب ضريبة جديدة على الأهالي، وبتجهيز عدة ألايات، وزاد الحنق لنزع السلاح، فابتدأت الثورة بجوار بحيرة لوط وعلى شواطئ الأردن، وفي هذه الوقعة التي انتهت بقتل قاسم الأحمد حاكم نابلس بدمشق، قتل إبراهيم باشا كثيراً من زعماء الأتراك ممن كانوا ساعدوا العصاة عليه، وأخذ الدلاوز والنصيرية والموارنة يستعدون للثورة يهيجهم عليها عمال الدولة العثمانية، وبريطانيا تحرض العثمانيين وتعلمهم كيف يسلكون. وقد روى كامل في تاريخه أن إبراهيم باشا فقد من جيشه في السنتين التايتين لأمر التجنيد نحو عشرين ألفاً. وممن انتقض على إبراهيم باشا أهالي الكرك فإنه لما فتح إقليمهم نظم إدارته وجعل له حامية من جنده، وبعد قليل تمرد السكان وذبحوا الحامية والموظفين على بكرة أبيهم، وقتلوا كتيبة من جنده كانت آيبة إلى مصر، فأضلوها الطريق وأهلكوا أكثرها.
[سياسة الأتراك والدول مع محمد علي:]
وكانت الدولة العثمانية بمعاونة الدولة البريطانية لا تفتأ منذ دخول المصريين إلى الشام تدس الدسائس في القطر، وتستميل رؤساء العشائر وأرباب الزعامات والأعيان، بالمال تارة والوعود الخلاّبة أُخرى. وبعد أن عقد محمد علي مع سلطان العثمانيين العقد الثاني وهو خمس سنين أيضاً ومضى أكثره وأدى المقرر
عليه من المال، ارتأى العثمانيون بإيعاز بريطانيا العظمى أن يستخلصوا الشام وأذنة من محمد علي، فأرسل السلطان محمود سنة ١٢٥٥ حافظ باشا في سبعين ألف مقاتل وفي رواية مائة ألف مجهزين بمدفعية مهمة ومعها طائفة من كبار ضباط روسيا وبروسيا وزحف إبراهيم باشا في أربعين ألفاً حتى انتهى الجيشان إلى سهل نِزّيب نصيبين، واشتبك القتال بين الجيشين ثماني ساعات ونصفاً فتراجع الجيش العثماني بعد أن قتل منه ستة آلاف وقيل أربعة وأُسر اثنا عشر