وبأعمالها وأحرق ما أمكن إحراقه من الحصن المحدث عليها من الفرنج وغيره، وملكت أبراج رفنية وهدم الحصن وقدم من كان فيه.
وفي سنة ٤٩٩ سار الفرنج إلى أفامية وحاصروها وملكوا البلد والقلعة وقتلوا القاضي المتغلب عليها، وكان هذا كتب إلى صاحب حلب لإنقاذ البلاد من المستبد بها خلف بن ملاعب الكلابي الذي كان دأبه إخافة السبل، فقتله والتجأ ابنه مصبح إلى طنكري صاحب إنطاكية وحرضه على العود إلى أفامية وأطمعه في أخذها لقلة القوت بها، فنهض إليها ونزل عليها وضايقها إلى أن تسلمها بالأمان. والغالب أن الإسماعيلية هم الذين ملكوا حصن أفامية باسم الملك رضوان صاحب حلب، وكان بنى لهم بحلب دار دعوة وهو أول من عملها. وكان بأفامية رجل من دعاتهم، يقال له أبو الفتح السرميني فقرر ذلك لمنه أهلها، فنقبوا السور وهجموا على ابن ملاعب وقتلوه ونادوا بشعار الملك رضوان. وبقي الحصن في أيديهم حتى أخذه الفرنج منهم في سنة ٥٠٠.
وفي سنة ٤٩٩ ملك صنجيل مدينة جبلة، ثم سار وأقام على طرابلس فحصرها وبنى بالقرب منها حصناً، وبنى تحته ربضاً وهو المعروف بحصن صنجيل، فخرج صاحب طرابلس فأحرق الربض وهلك صنجيل على أثر حرق بجسمه ودام الحرب بين أهل طرابلس والفرنج خمس سنين وظهر من صاحبها ابن عمار صبر عظيم، وقلَّت الأقوات بها وجلا الفقراء وافتقرت الأغنياء. قال ابن الأثير:
وكانت طرابلس من أعظم بلاد الإسلام تجملاً وثروة، فباع أهلها من الحلي والأواني الغريبة ما لا حد عليه حتى بيع كل مائة درهم نقرة بدينار.
[حرب طغتكين للصليبيين:]
خرج الفرنج إلى سواد طبرية ٤٩٩ وشرعوا في عمارة حصن علعال بين السواد والبثنية، أو بين الغور وجبل الشراة، وكان من الحصون الموصوفة بالمنعة، فلما عرف صاحب دمشق هذا العزم منهم نهض، فملك الحصن وقتلهم وأسرهم. قال ابن الأثير: وقد قال طغتكين للمقاتلة يومئذ: