في عسكره وأهل البلد وقصد الحصن الذي بناه صنجيل عليهم، وهجم على غرة ممن فيه، فقتل من به ونهب ما فيه وأحرق وأخرب، وأخذ منه السلاح والمال والديباج والفضة، هذا وملوك الإسلام إذ ذاك مشتغلون بقتال بعضهم بعضاً وقد تفرقت الآراء وتمزقت الأموال. وقصد الفرنج حران فاتفق صاحب الموصل وصاحب حصن كيفا وماردين ومعهم العرب والتركمان واجتمعوا بالفرنج على الخابور على نهر البليخ فهزم الفرنج وأسر ملكهم القومص.
وفي سنة ٤٩٨ خرج صاحب حلب عازماً على قصد طرابلس لمعاونة صاحبها ابن عمار على الفرنج النازلين عليه، وكان الأرمن في حصن أرتاح قد سلموا إليه الحصن لما شملهم من جور الفرنج ونزل عليها فوقع المصافُّ بين المسلمين والفرنج عند شيزر، فثبت راجل المسلمين وانهزمت الخيل، ووقع القتل في الرجالة ولم يسلم منهم إلا القليل ووصل الفلُّ إلى حلب، وحين عرف ذلك من كان في أرتاح من المسلمين هربوا بأسرهم منها فملكها الفرنج، ثم قصدوا حلب فأجفل أهلها منهم واضطربت أحوال من بالشام.
وفي هذه السنة خرج من مصر عسكر كثيف يزيد على عشرة آلاف فارس وراجل مع شرف المعالي ولد الأفضل، وكوتب صاحب دمشق بالاستدعاء للمعونة فنزل هذا على بُصرى ثم قصد ظاهر عسقلان، فتجمع الفرنج وقصدوا عسقلان فالتقى الفريقان بين يافا وعسقلان، واستظهر الفرنج على المسلمين وقتلوا والي عسقلان، وانهزم عسكر مصر إلى عسقلان، وعسكر دمشق إلى بصرى، وكان صاحبها أيتكين الحلبي راسل بغدوين ملك الفرنج للاستنجاد به، وتوجه أيتكين وأرتاش بن تاج الدولة نحو بغدوين، وأقاما عنده مدة يحرضانه وقومه على المسير إلى دمشق، ويبعثانه على الإفساد في أعمالها فلم يجبهما، فلما يئسا توجها
إلى ناحية الرحبة.
وتوجه صاحب دمشق إلى بعلبك، وقرر أمورها وكف الأذى عن واليها كمشتكين الخادم التاجي، وتوجه إلى حمص وقصد رفنية ونزل عليها، ووفد عليه خلق كثير من جبل بهراء في عمل حمص، فهاجموا رفنية على حين غفلة من أهلها، وغرة من مستحفظيها، وقتلوا من بها