وبينا كان آخر ملوك الشام ومصر من بني أيوب يتنازعون مع المماليك البحرية وقد خرجت مصر عن حكم الأيوبيين، وكانت دخلت في حكمهم أولاً فأسسوا هناك بنيانها ولما انهار البناء كانت البِنْيَة الأولى أول ما هدمت وبقيت بعدها الأطراف وهي الشام وما إليها مدة قليلة جاء هولاكو التتري ٦٥٦ واستولى على بغداد وقتل الخليفة المستعصم بالله وقرض الخلافة العباسية، ثم أخذ التتر يتقدمون إلى الجزيرة فأرسل الناصر يوسف صاحب دمشق ولده العزيز محمد وصحبته زين الدين محمد المعروف بالحافظي بتحف وتقادم هدايا إلى هولاكو ملك التتر، وصانعه لعلمه بعجزه عن ملتقى التتر، وكان بين البحرية بعد هزيمتهم من المصريين وبين عسكر الناصر يوسف صاحب دمشق ومقدمهم مجير الدين بن أبي زكري مصاف بظاهر غزة انهزم فيه عسكر الناصر يوسف وأسر مجير الدين، وقوي أمر البحرية بعد هذه الكسرة وأكثروا العيث والفساد، وسار الناصر يوسف، وقد عرف ما تم على جنده، ومعه صاحب حماة بعسكره إلى جهة الكرك، وأقام على بركة زيزاء محاصراً للمغيث صاحب الكرك بسبب حمايته البحرية، فقبض المغيث على من عنده من البحرية، وعلم ذلك في الحال ركن الدين بيبرس البندقداري فهرب في جماعة من البحرية، ووصل بهم إلى الناصر يوسف فأحسن إليهم، وقبض المغيث على من بقي عنده من البحرية وأرسلهم إلى الناصر فبعث بهم إلى حلب فاعتقلوا بها، واستقر الصلح بين الناصر وبين المغيث
صاحب الكرك.
وقدم هولاكو ٦٥٧ إلى شرقي الفرات ونازل حران وملكها واستولى على الديار الجزرية وأرسل ولده سموط إلى الشام فوصل إلى ظاهر حلب وكان الحاكم فيها المعظم توران شاه نائباً عن ابن أخيه الناصر يوسف، فخرج عسكر حلب لقتالهم وخرج المعظم ولم يكن من رأيه الخروج إليهم، وأكمن لهم التتر في باب الله فتقاتلوا عند بانقوسا فاندفع التتر قدامهم حتى خرجوا عن البلد. ثم عادوا عليهم وهرب المسلمون طالبين المدينة والتتر يقتلون فيهم، اختنق في أبواب البلد جماعة من المنهزمين، ثم رحل التتر إلى عزاز فتسلموها