عزاز، فاجتمعت الفرنج لقتاله فاقتتلوا، فانهزم البرسقي وقتل من المسلمين خلق كثير وانهزموا راجعين أدراجهم. وقصد صاحب بيت المقدس حوران للعيث فيها فخرج إليه صاحب دمشق في التركمان وأحداث دمشق والغوطة والمرج وأحداث الباطنية فانهزم المسلمون وتتبع الفرنج المنهزمين حتى وصلوا إلى عقبة سحورا وقربوا من شرحوب مع بعد المدى. وقصدت الفرنج رفنية واستعادوها من المسلمين. واجتمع المسلمون والفرنج في مرج الصفر عند قرية شقحب من عمل دمشق واشتد القتال فانهزم صاحب دمشق والخيالة وتبعهم الفرنج، ونهب بعض الجند مخيم الفرنج وأثقالهم، ورجع الفرنج في أثر المنهزمين ورأوا رجالتهم قتلى وأموالهم منهوبة وظلوا منهزمين لا يلوي الأخ على أخيه، وكان هذا من الغريب أن طائفتين تنهزمان كل واحدة منهما من صاحبتها.
[مزايا حكم طغتكين:]
كان الفرنج منذ وطئوا تراب الشام أوائل العقد الأخير من القرن الخامس إلى أواخر العقد الثاني من القرن السادس يتساندون وقل أن يقع شغب بينهم، وربما تقاتلوا ثم اجتمعوا على سلام، وتواكلوا وتآنسوا لأن موقفهم يدعوهم إلى جمع الكلمة، ولئن ألفوا أربع إمارات متحدة فهي إمارة واحدة في الواقع، والنجدات تأتيهم بحراً على مراكب أهل بيزة وجنوة مرة ومرتين في السنة، لتعذر قطع البحار إلا في فصل الصيف. فرجال الحملة الصليبية الأولى هي التي كانت افتتحت ما افتتحت من الأصقاع ومادتها القليلة من الزوار والتجار من البحر. وملوك الشام يأتيهم المدد من مصر والعراق والجزيرة وديار بكر وديار مضر. ولو كتب للشمال أن يكون في عاصمته حلب رجل عاقل كما كتب لدمشق أن يكون فيها مثل طغتكين، لتيسر إنقاذ البلاد والإجهاز على أعدائها، ولما استطاع الفرنج أن يجبوا إتاوة من حلب وحماة وحمص ولنجت كما نجت دمشق من
إرضاء الفرنج بالمال على عهد طغتكين.
حكم طغتكين دمشق منذ سنة ٤٩٧، وحكمه كان في الحقيقة قبل عشر