بالديار المصرية والبلاد الشامية وما مع ذلك أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وكان ملكاً جليلاً ديناً خيراً متواضعاً كريماً وفعل الخير وقد كانت علائقه حسنة مع سلطان العثمانيين وملوك آسيا الصغرى.
[المنصور والأشرف والمؤيد والظاهر خشقدم]
[والظاهر بلباي والأشرف قايتباي:]
وخلف الظاهر جقمق المنصور فخر الدين عثمان فخلع بعد ثلاثة وأربعين يوماً وتسلطن بعده الأشرف إينال العلائي وكانت أيامه لهو وانشراح وقيل: إنه لم يسفك دماً بغير وجه شرعي فعد ذاك من النوادر وتوفي سنة ٨٦٥ وخلفه المؤيد أحمد وكان حسن السياسة بصيراً بمصالح الرعية قمع مماليك أبيه عما كانوا يفعلونه من الأفعال الشنيعة إلا أن مدته لم تطل سوى أربعة أشهر وثلاثة أيام، وخلفه الظاهر خشقدم وكان أهل الدولة يريدون سلطنة جانم نائب الشام، فلما أبطأ عليهم سلطنوا الظاهر خشقدم ٨٦٥ يقول ابن إياس: إن الملك الناصر أبي سيف الدين خشقدم الناصري المؤيدي هو الثامن والثلاثون من ملوك الترك وأول ملوك الروم بمصر إن لم يكن أيبك التركماني من الروم ولا لاجين من الروم فخشقدم أول ملوك الروم بمصر وأصله رومي الجنس.
وسار جانم إلى مصر فأرجعه الملك الجديد إلى الشام، ولما بلغها أرسل السلطان إلى نائب قلعة الشام مراسيم بأن يقبض على جانم نائب الشام فرمى عليه بالمدافع وهو جالس في دار السعادة فهرب إلى الرها، وأستمر في هياج وعصيان وأرسل عليه سلطان مصر تجريدة بقيادة جاني بك وعين المقر السيفي تنم المؤيدي نائب
الشام.
وفي سنة ٨٧٢ تحرك شاه سوار صاحب مملكة ذي القدرية على حلب فرسم خشقدم للأمير برديك الجمقدار نائب حلب أن يخرج إليه فخرج، ثم التف عليه وأظهر العصيان على السلطان وقصدا التوجه إلى الشام، فأرسل سلطان مصر عليهما تجريدة وانهزم الجند الذين أرسلتهم مصر لقتال شاه سوار ودخلوا حلب وهم في أسوأ حال، ثم أرسل السلطان تجريدة أخرى فهزمها سوار أيضاً، فاحتال عليهم حتى أدخلهم في مواضع ضيقة بين أشجار فخرج عليهم السواد الأعظم من التركمان بالقسي والنشاب والسيوف والأطبار فقتلوا من العسكر عدداً كبيراً