ويقاسمه على خراج قبرس وأرمينية على شرط أن يخرج اللبنانيين من جبلهم، فأجابه ملك الروم إلى ذلك.
[الجراجمة والمردة في جبل لبنان:]
ويؤخذ مما قاله ابن عساكر أن طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين من منعه مدائن الساحل، كاتب أنباط جبل لبنان واللكام فخرج الجراجمة وعسكروا بالجبل، ووجه ملك الروم قلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر فسار بهم حتى أرسى بهم بوجه الحجر وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان، وبث قواده في أقصى الجبل حتى بلغ إنطاكية وغيرها من الجبل الأسود، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل حتى لم يكن أحد يخرج في ناحية من رجال ولا غيرها إلا بالسلاح، فغلبت الجراجمة على الجبال كلها من لبنان وسنير وجبل الثلج وجبال الجولان، فكانت بالسبل مسلحة لنا، وفي الرقاد وعقربا الجولان مسلحة، حتى جعلوا ينادون عبد الملك بن مروان من جبل دير مران من الليل، وبعث إليهم عبد الملك بالأموال ليكفوا حتى يفرغ إليهم، وكان مشغولاً بقتال أهل العراق ومصعب بن الزبير وغيره. قال: ثم كتب عبد الملك إلى سحيم بن المهاجر في مدينة
طرابلس وكان أميرها يتواعده ويأمره بالخروج إليهم، فلم يزل سحيم ينتظر الفرصة منهم ويسأل عن أخبارهم وأمورهم حتى بلغه أن قلقط في جماعة من أصحابه، وتهيأ بهيئة الروم في لباسه وهيئته وشعره وسلاحه، متشبهاً ببطريق من بطارقة الروم قد بعثه ملك الروم إلى جبل اللكام في جماعة من الروم فغلب على ما هنالك، فلما دنا من القرية خلَّف أصحابه فقال: انتظروني إلى مطلع كوكب الصبح فدخل على قلقط وأصحابه وهم في كنيسة يأكلون ويشربون، فمضى إلى مقدم الكنيسة فصنع ما يصنعه النصارى من الصلاة والقول عند دخولهم كنائسها، ثم جلس إلى قلقط فقال له: من أنت فانتمى إلى الرجل الذي يشبه به فصدقه، وقال له: إنما جئتك لما بلغني عن جهاد سحيم وما اجتمع عنده من العساكر للخروج إليك، فأتيت لأخبرك به وأكفيك أمره، إياك أن