بلغة أقرب إلى الفصحى وقد وضعوا التآليف في الطب والحقوق بلغة عربية مقبولة.
ولا سبيل إلى الانتفاع بالجامعة السورية نفعاً حقيقياً يتفق مع شهرة الديار الشامية القديمة بالعلم إلا إذا تمت فروعها فأُنشئت فيها مدرسة للآداب وأُخرى للعلوم وثالثة للإلهيات، وبذلك تتم فروعها وتنبعث منها أنوار الحكمة المشرقية والمغربية، ولا غضاضة علينا إذا جئنا من مصر وديار الغرب بعلماء أخصائيين في الفروع التي لا نحسنها من ضروب العلم، نتعلم منهم طريقتهم في البحث والدرس والتحليل والتركيب، فالقطر المصري وهو أسبق منا في العلوم ما زال إلى اليوم يأتي من الغرب بعلماء يوسد إليهم الإدارة والتعليم في جامعته. وعلى ذكر القطر المصري لا بأس بأن نشير إلى أن المتعلمين من الشاميين ما برحوا يفزعون إلى مصر منذ أواخر القرن الماضي يخدمون الآداب ويرزقون منها، فكان لمصر الفضل على الشام وبنيه لأنها كانت منبعث قرائحهم. وكان في هذه المقايضة العلمية بين الشام ومصر من الفرائد ما لا يمكن أحداً جهله.
وبعد ذلك يرجى أن لا يضيق كثيراً نطاق اللغة العربية، بعد أن رأى الناس أمرها يضعف الحين بعد الآخر في الغرب والجنوب، وهي إلى ضؤولة في الشرق والشمال والوسط على ما يبذله المجمع العلمي العربي منذ سنة ١٣٣٧هـ من العناية بنشرها وتهذيب ألفاظ الكتاب وتراكيبهم، والأخذ بأيدي المؤلفين والمترجمين، وتحبيب المطالعة إلى الجمهور، وتعليمه في محاضرات ودروس عامة، وعرض آثار مدنية الأسلاف على أنظاره لبعث عقليته من رقدتها. وإذا توفرت الجامعة السورية العربية على صياغة علماء إلهيين وعلماء مدنيين وأُدباء ومهندسين
وطبيعيين وكيماويين وزراعيين وأطباء وحقوقيين وأثريين يعرفون كيف يبحثون ويعلمون، نخدم المدنية خدمة حقيقية.
[الإخصاء:]
وبعد فإن أهمّ ما ينبغي صرف العناية إليه اليوم نشر العلوم الانسيكلوبيدية، أي المشاركة في العلوم المتعارفة، ثم الانقطاع إلى فرع واحد، أي إلقاء النظر على المعارف التي تنير الفكر من العلوم الطبيعية والرياضية والاجتماعية والتاريخية