للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ظهور الدولة الطولونية وانقراضها]

[من سنة ٢٥٤ إلى ٢٩٢]

[بداية الطولونيين:]

ظهرت بوادر الضعف في العباسيين، وكادت تصبح سلطتهم اسمية، وخلافتهم دينية لا دنيوية، ساعد على ذلك اشتغال الخلفاء بعد المعتز بأنفسهم، وتغلب كثير من الأمراء على الأطراف، وأصبحت البلاد رهن أيدي المتغلبة من العمال، وكان معظم الخلفاء الأول إلى ما بعد المعتصم على غاية من العلم والأخلاق وحسن السياسة، ومن النادر أن يتسلسل هذا الرقي في الأخلاق في آل بيت واحد على اطراد جميل، كما تسلسل في بني هاشم لأول أمرهم، ولكن منهم من ساعدهم الطالع ومنهم من خانه، والسعادة أكثر من الشقاء في الجملة.

وبينما كانت دولة الأمويين في الأندلس في إبان عزّها في القرن الثالث، كانت دولة العباسيين تضطرب وتضيق بقعتها في هذا الشرق القريب، خصوصاً في النصف الثاني من المائة الثالثة، وعمال فارس ومصر والشام وغيرها يقطعون الخراج عن دار الملك، ويستبدون بالأمر، وليس للخليفة العباسي إلا الخطبة والسكة، وقد يقرن المتغلب على قطر اسمه إلى اسم الخليفة في الدعاء، ويضرب السكة باسمه أو باسميهما معاً. وكانت الدولة إلى هذا العهد لا تقوم لها قائمة إلا إذا جمعت بين السلطتين الدينية والدنيوية، فإذا ضعفت إحداهما في القائم بأمر المسلمين، أصاب القوة الثانية ضعف عطلها عن العمل النافع.

<<  <  ج: ص:  >  >>