حلب كسرة عظيمة، وفيها بعث ابن حسن الطويل يستنجد بنائب حلب على أبيه فجهز نائب حلب معه جنداً فقاتلوا عسكر الطويل فانكسر عسكر حلب وقتل منهم جماعة.
وفي سنة ٨٨٣ خرج سيف بن نعير الغاوي وقرابته عن الطاعة فقاتله نائب حماة فكسر النائب وقتل من عسكره كثير، ثم خرج إليه نائب حلب وأوقع معه ففر منه فتبعه، وقد اضطربت أحوال حماة بسبب ذلك.
مات حسن الطويل ملك العراقيين ٨٨٣ وكان انقراض دولة بني أيوب على يده، وتحرش بابن عثمان ملك الروم يأخذ من ملكه شيئاً فما قدر عليه، ثم تحرش بسلطان مصر وجرى له مع الأشرف قايتباي أمور وكان الأشرف يخشى من سطوته لأنه كان ملكاً جليلاً عاقلاً سائساً كثير الحيل والخداع. وفي سنة ٨٨٥ كبس عمرو بن غانم في جماعة من العرب محمد بن أيوب نائب القدس بأريحاء الغور وحصلت فتنة قتل فيها جماعة.
[وقعة مشؤومة وأحداث:]
كانت سنة ٨٨٥ من أشأم السنين على دولة الأشرف قايتباي فإن يشبك الدوادار كان قد ندب أيضاً من مصر لقتال سيف أمير آل فضل، فسار ومعه جيش من مصر في صحبته نواب دمشق وحلب وطرابلس وحماة مع العسكر الشامي والمصري وغيرهم من العساكر فتوجه إلى الرها واجتمع معه نحو عشرة آلاف رجل، وكان المتولي أمر الرها شخص يقال له بابندر أحد نواب يعقوب بك بن
حسن الطويل، فحصر يشبك مدينة الرها وكان يريد بعد أخذها أن يسير لفتح العراق فعاد عليه بابندر وكسر جيشه وأسره مع النواب الذين في جملته وشتت شمل جيشه وأخذ يشبك وقتله وقتل من أمراء الشام عدداً كبيراً وكذلك من العسكر حتى كانت حوافر الخيل لا تطأ إلا على جثث القتلى. قال ابن إياس: وكانت هذه الكسرة على عسكر مصر من الوقائع الغريبة وكانت مصيبة عظيمة هائلة. وكان يشبك باغياً على بابندر فإنه قصد محاربته من غير سبب ولا موجب لذلك فكان كما قيل:
من لاعب الثعبان في وكره ... يوماً فلا يأمن من لسعته