أذى، وللنصارى على المسلمين ضريبة يؤدونها في أرضهم، وتجار النصارى أيضاً يؤدون في أرض المسلمين على سلعهم. وقد تعقد المعاهدات مع الملوك الإفرنج وتذكر فيها أنواع المتاجر التي يحملونها إلى مواني هذا القطر ومنها الخشب والحديد.
ولم تكن جمهوريات إيطاليا في حرب الصليبيين دولاً بحرية من الطراز الأول بل كانت منظمة بأحسن النظم الجمهورية، ومع هذا فكثيراً ما كانت تشب الحرب بينها حتى تستأثر إحداها بالتجارة في الشام، فكان الجنويون أعداء البنادقة، وكذلك كان الكتلانيون، واضطر البروفانسيون أن يدخلوا تجارتهم إلى هذه الديار بواسطتهم، وهم يريدون أن يستأثروا بنقل زوار بيت المقدس وأن تمر تجار ما وراء جبال الألب من مثل جوخ الفلاندر في مواني إيطاليا، وتنقل عن سفنهم وتستوفى عنها رسوماً خاصة. ولما احتل الجنويون الماغوسة في قبرس بدأ اللاتين بزيارة دمشق وبقية الشام، وكانت حال التجارة في الدور الثالث من أدوار القرون الوسطى في دمشق على أحسن ما يكون، فكان التجار الأوربيون إذا انتهوا إليها رأوا فيها عدة زملاء لهم من ممالك مختلفة مثل البندقية وجنوة وفلورنسة وبرشلونة وغيرها، فيبيعون ويبتاعون، وكان اجتماعهم في خان برقوق وقد أقام بعض البنادقة في حماة ومنها كانوا يبتاعون القطن. وكان للأوربيين قناصل في الشام منذ الزمن الأطول وأول قنصل كان للبنادقة في مدينة دمشق سنة ١٣٨٤م واسمه فرنسسكو داندللو وكانت دمشق مستقر القناصل، إلا أن لامنس يقول: إن أول ما ورد اسم القنصل في جملة النزالة الجنوية التي كانت في عكا أواسط القرن الثاني عشر ودعوه أولاً بنائب القمص - ثم انتشرت هذه الرتبة في أماكن شتى في النصف الثاني من ذلك القرن وعرف أصحابها بالقناصل وأُطلق أولاً على الإيطاليين، وبعد زمن طويل صار للفرنسيس قنصل.
[التجارة في القرون الحديثة:]
كانت حلب في هذا الدور من أول المدن التي اتجرت مع الطليان،