وأخذه بالآراء السديدة ينجح ولا شك في عمله، فهو مفخرة من مفاخر الأمويين وبنو أمية مدينة بالخلافة له.
[خلافة عبد الملك بن مروان:]
كان عبد الملك بن مروان بعد مهلك أبيه بعيداً عن دمشق فأقبل مسرعاً خوفاً من وثوب عمرو بن سعيد، وكان عمرو بن سعيد من أحب الناس إلى أهل الشام يسمعون له ويطيعون. واجتمع الناس على عبد الملك فقال لهم: إني أخاف أن يكون في أنفسكم مني شيء فقام جماعة من شيعة مروان فقالوا: والله لتقومنَّ إلى المنبر أو لنضربن عنقك، فصعد المنبر وبايعوه.
وتفرغ عبد الملك لاستصفاء العراق من شيعة علي فاستخلصها منهم بعد أن قتل من الطرفين جمهور كبير، وقتل أشراف أهل الشام وكان جيشهم ثلاثين ألفاً. وذكر اليعقوبي وأكد روايته غير واحد من المؤرخين أن عبد الملك منع أهل الشام من الحج وذلك أن ابن الزبير كان يأخذهم إذا حجوا بالبيعة ووجه وجوه الناس إلى مسجد بيت المقدس فبنى على الصخرة قبة وعلق عليها ستور الديباج وأقام لها سَدَنة وأخذ الناس بالطواف حولها كما تطوف حول الكعبة. قلنا: وكذلك فعل بنو
أمية في الأندلس في الغرب، فإنهم منعوا الناس عن الحج مدة ملكهم أوائل عهد بني العباس مخافة أن يأخذهم العباسيون بالبيعة لهم.
ومن الأحداث في أيام عبد الملك تجهيز يوحنا أمير جبل لبنان اثني عشر ألف فارس وذهابه إلى البقاع ونزوله في قب الياس، وغزوة الجبل الشرقي وشنه الغارات على الحجاج حتى ضاقت به الرعية وقطعت الطرق وخربت المسالك. وكان أمير لبنان مرتبطاً مع صاحب الروم بعهود فسار قائد جيوشهم لاون سنة ٦٥ وضم إليه عساكر الجبل. وغزا أرض العرب واسترد منهم ما كانوا أخذوه، فاضطر عبد الملك بن مروان إلى تجديد الهدنة مع ملك الروم على أن يدفع له كل يوم ألف دينار وفرساً ومملوكاً