على ملك الفرس فأنجدوه، وقاتلوا معه قتالا شديدا، ثم سألوا ملك الروم أن يتولوا حرب الفرس منفردين عن جند الروم لتظهر له طاعتهم وغناؤهم فأجابهم إلى ذلك فقاتلوا الفرس وظفروا بهم، فأُعجب بهم ملك الروم وفرق فيهم الدنانير والثياب وقربهم وأدناهم وأقطعهم سورية وما جاورها من الأصقاع إلى الجزيرة. وسورية مدينة بقرب الأحصّ على جانب البرية. قال ابن العديم: هذا منتهى أمرهم في الجاهلية.
ولم يعرف الزمن الذي كان فيه التنوخيون، وبعضهم يقول: إنهم كانوا في أواخر القرن الثالث للمسيح ويقول المسعودي: إن قضاعة بن مالك بن حمير أول من نزل الشام وانضافوا إلى ملوك الروم فملكوهم، بعد أن دخلوا في دين النصرانية، على من حوى الشام من العرب، فكان أول ملوك تنوخ النعمان بن عمرو بن مالك، ثم ملك بعده عمرو بن النعمان ابن عمرو، ثم ملك بعده الحواري بن النعمان ولم يملك من تنوخ غيرهم. ثم وردت سليح الشام فتغلبت على تنوخ وتنصرت فملكتها الروم على العرب الذين بالشام. قال: وغلبت غسان على من بالشام من العرب فملكها الروم على العرب وإن من ملكته الروم من اليمن بالشام تنوخ والضجاعم من سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وغسان استكفاء بهم من يليهم من بادية العرب.
[المهاجرات والايطوريون:]
والغالب أن معظم مهاجرات العرب إلى الشام كانت تقع عقيب حوادث طبيعية في
أرضهم من جفاف وطوفان وجدب وموتان، فيستهويهم بخصبه، وينتجعون هناءة العيش في أرجائه. وفي الأغاني لما أرسل الله سيل العرم على أهل مأرب قام رائدهم فقال: من كان منكم يريد الخمر والخمير، والأمر والتأمير، والديباج والحرير، فليلحق ببصرى والحفير، وهي من أرض الشام فكان الذين سكنوه غسان.
ومن الدول العربية التي اشتهرت زمن دخول الرومان إلى سورية دولة الإيطوريين ومعنى الإيطوريين بالعبرية الجبليون، وهم شعب عربي جاءوا