السلطان وشكا ما وقع له إلى الغوري فقال: إن علاء الدولة لم يصدر عن أمره وأنه عاصً عليه وأنه إذا قتله يكون له شاكراً، وكتب الغوري إلى علاء الدولة يحمله على متابعة عمله، فأحس سليم بأن الغوري يكيد له وزاد علاء الدولة بأن سرق بعض أحمال من ذخائر عسكر سليم، فلما عاد هذا من غزاته قتل علاء الدولة وأولاده وأرسل رؤوسهم إلى الغوري. بمعنى أن سنان باشا استولى سنة ٩٢١ باسم السلطان سليم على مملكة ذي القدرية التي كانت في مرعش والبستان وملطية وبهنسي وخربوت وما إليها، وكانت الدولة العثمانية جعلت حكومة أبناء رمضان التركمانية التي نشأت سنة ٧٨٠ في جهات أذنة وطرسوس وسيس تحت ظلها، وكانت علائق أمرائها الثلاثة الأول مع دولة المماليك الشركسية أصحاب الشام ومصر مسترخية، ففتحت السبل والمنافذ إلى الشام وصارت الجيوش العثمانية تأمن على مقدمتها وعلى خط رجعتها.
ولما أضعف السلطان سليم مملكة كبرى وهي مملكة الصفوي، وقضى على مملكة صغرى وهي مملكة ذي القدرية، طمحت نفسه إلى فتح الشام ومصر ونزعهما من دولة المماليك ليضمهما إلى مملكته فتدخل في طور العظمة وتكون ممالك في مملكة. وكان أبوه وجده من قبله يقاتلان بعض حاميات الشام يتعرفان بذلك مبلغ قوة المماليك، ويدفعان أمراء الأطراف أمثال أمراء ذي القدرية وغيرهم إلى مجاذبة ملوك الشراكسة حبل السلطة على التخوم. وكان أولئك الأمراء كثيراً ما يسيرون مع المماليك سيرة الصغير مع الكبير، لعلمهم بأن إثارة العثمانيين لهم على المماليك لا لخيرهم بل لينتقموا بهم ثم ينتقموا منهم ويضعفوهم ويضعفوا بهم.
[صلات العثمانيين مع المماليك ووقعة مرج دابق:]
وذكر مؤرخو الترك أن الصلات السياسية بين ملوك الشراكسة أصحاب مصر والشام وبين سلاطين آل عثمان كانت مسترخية منذ عهد محمد الفاتح، ولما سمت همة السلطان سليم إلى فتح الشام ومصر ٩٢٢ أرسل جيشاً إلى ديار بكر يورّي بأنه يريد قصد إيران، ولأدنى سبب أخذ الجيش يتوجه صوب الجنوب، فبعث قانصوه الغوري بعض رجاله يتوسطه في الصلح فقتل