قال المحبي: أن القشلق من عسكر السلطان مراد بن أحمد كانوا عينوا لمحاربة شاه عباس فدهمهم الشتاء دون الوصول إلى خطة العجم فأمروا أن يشتوا في دمشق وأطرافها من القرى وضيقوا على الناس أمر المعيشة وبالغوا في التعدي ونهب أموال الناس.
وفي سنة ١٠٤٣ جاء السردار الأعظم محمد باشا إلى حلب يحمل مرسوماً سلطانياً بقتل نوغاي باشا لأنه تهامل في قتل من يجب قتلهم من الأشقياء واكتفى منهم بمصادرة أموالهم، فقتل وأرسل رأسه بلحيته البيضاء إلى جانب السلطنة. قال نعيما: وهذا الوزير ممن سبقت لهم خدم جلي للدين والدولة وهو من أقدر الوزراء. وفي هذه السنة تجمع نحو خمسمائة من أرباب الفساد من الانكشارية وثاروا بوالي حلب فقتل منهم خمسون وجرح كثيرون، ثم جاء رؤساؤهم معتذرين للوالي بما صدر من أوباشهم فتأثر جميع النافخين في بوق الفتنة وقتل الجرحى
والهاربين منهم فسكنت الثائرة. وفي هذه السنة خرجت عساكر من دمشق وباغتوا أمير وادي التيم فنهبوها وأحرقوا قراها وباغت صاحبها العسكر الدمشقي فظفر بهم ورجعوا عن أقليمه.
[القضاء على الأمير فخر الدين المعني:]
فس سنة ١٠٤٣ قويت كلمة فخر الدين بن معن الثاني وكانت الدولة منذ ثلاث وعشرين سنة تنظر إليه نظر الخارج عن طاعتها، وحاولت غير مرة أخذه فلم تستطع لأنه كان بجيشه أقوى من الجيوش التي تساق عليه، وأرضه حصينة بطبيعتها وحصونه كثيرة ممتنعة، ولولا أن الدولة مرتبكة بغوائل خارجية لضمت قوى كثيرة من قوتها وأخذته أخذ عزيز مقتدر، فلما استراح بالها من مشاكلها أرسلت عليه جيشاً من الأناضول بقيادة أحمد باشا الأرناؤدي كافل دمشق فانتصر عليه الأمير فخر الدين في وقعتين قرب صفد، ثم انتصر عليه القائد العثماني في وادي التيم وقتل ابنه علياً وتوفي أخوه متأثراً من جراحاته، وكانت أرسلت الدولة عليه أسطولاً من البحر فغلب على أكثر سواحله وعاون بنو سيفا وأصحاب الأحزاب بعسكر وافر الجيوش العثمانية ومشوا مقابل المراكب على طريق البرفتشتت المعنيون،