للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مساجد حلب:]

في حلب اليوم١٦٩ جامعاً و١٨٢ مسجداً ومنها الجيد بنيانه، وأعظمها المسجد الجامع مسجد زكريا في غربي القلعة. صالح المسلمون أهل حلب على موضع المسجد يوم الفتح، وكان محله حديقة كنيسة الروم القديمة التي بنتها هيلانة أم قسطنطين. قالوا: إنه كان يضاهي جامع دمشق بالزخرفة والرخام والفسيفساء، وإن سليمان بن عبد الملك هو الذي بناه وتأنق في بنائه ليضاهي به ما عمله أخوه الوليد في جامع دمشق. وقيل: إن بانيه الوليد نفسه، وإن بني العباس نقضوا ما كان فيه من الرخام والآلات ونقلوه إلى جامع الأنبار في جملة ما نقضوا من آثار بني أمية بالشام. ولما جاء الروم حلب سنة ٣٥١ أحرقوا الجامع والبلد فرم بعضه سيف الدولة ثم ابنه سعد الدولة، وأحرقته الإسماعيلية سنة ٥٦٤ مع الأسواق التي حوله فعمره نور الدين زنكني وقطع الأعمدة الصفر من بعادين ونقل إليه عمد مسجد قنسرين، وأحرقه من الأرمن سنة ٦٧٩ أيام كانوا محالفين للتتر. وعمره قراسنقر سنة ٦٨٤ وبنى فيه غيره بعض جهات منه مثل الأمير ألطون بغا الصالحي نائب حلب والأمير يشبك اليوسفي.

ويقول العارفون بالآثار: إن بناء الجامع الحالي قد قام على الصورة التي عملت عليه زمن سابق بن محمود من بني مرداس ٤٦٨ - ٤٧٢ على يد القاضي ابن الخشاب وإن في أسفل المنارة كتابة تاريخها سنة ٤٨٣ ذكر فيها اسم ملكشاه وابن الخشاب وفي جهة أخرى ذكر اسم تتش أخو ملك شاه ويستدل من مجموع البناء، وليس في جدرانه من كتابة مزبورة، أن هذا الطراز قديم صبر على الدهر. ومحرابه من عهد قلاوون والمنبر من عهد الناصر محمد، ويرد عهد الباب الأوسط للحرم إلى أوائل زمن المماليك وإن كانت فيه كتابات أحداث من عهد

السلطان مراد الثالث ٩٩٦. وأسس المنارة المربعة ذات الخمس طبقات القاضي ابن الخشاب سنة ٤٨٢ وهي منقوشة أبدع نقش وهي بما كتب عليها من الكتابات الكوفية والنسخية المثال الوحيد من الهندسة الإسلامية. قال أبو الفداء: وكان بحلب بين نار قديم ثم صار أتون حمام فأخذ ابن الخشاب حجارته وعمر منارة جامع حلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>