إقامة دور للبائسين ومآوى للضعفاء وأصحاب العاهات والزمانات من أمارات الحضارة ودلائل ارتقاء الإنسان في العطف على من خانتهم الطبيعة. روى البلاذري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مّر عند مقدمه الجابية من أرض دمشق بقوم مجذمين من النصارى فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجري عليهم القوت. ووقف عثمان بن عفان محلة سلوان في ربض القدس على ضعفاء البلد. وأول من اتخذ المستشفيات صدر الإسلام الوليد بن عبد الملك، فإنه أقام في دمشق على ما يروى مستشفى للمجذومين بالقرب من الباب الشرقي في محل يسمى الآن بالأعاطلة، ذلك لأن في ماء دمشق على ما قالوا خاصية دفع مرض الجذام عن أهلها فلا يصيبهم إلا في الندر، وإذا حل الغريب المصاب به نكسر عنه عاديته أو يتوقف سيره في جسمه. قال ابن عساكر: كان الوليد عند أهل الشام من أفضل خلفائهم، فرض للمجذومين وقال: لا تسألوا الناس، وأعطى كل مقعد خادماً وكل أعمى قائداً. وذكر بعضهم أن الوليد لما ولى إسحاق قبيصة الخزاعي ديوان الومني بدمشق قال: لأدعم الزمن أحب إلى أهله من الصحيح، وكان يؤتى بالزمن حتى توضع في يده الصدقة. وفي سنة ١٦٢ أمر المهدي أن يجري على المجذومين وأهل السجون في جميع الآفاق. وبذلك عرفنا أن القوم يخصون المجذومين بأماكن خاصة لئلا تسري العدوى منهم إلى غيرهم. أما المستشفيات فللأمراض الأخرى.
ولقد كان بدمشق ثلاثة مستشفيات أو بيمارستانات - والبيمارستان