بالحامية التي خلفها عندهم فكرَّ راجعا عليهم وأعمل السيف فيهم أياما وقوض الأبنية والهياكل ودك الأسوار والقلاع، فخربت تدمر خرابا لم تنتعش منه.
[آخر عهد الرومانيين وسياستهم:]
كثرت الفتن على عهد دولة السلاقسة خلفاء الإسكندر واستقلت فلسطين في عهد المكابيين ١٤٣ ق. م لاشتغال السلاقسة بحروبهم. وامتد سلطانها من البحر المتوسط إلى الفرات. واحتفظت بحريتها حتى تدخَّل بالأمر القائد بومبيوس الروماني وبسط سلطان دولته سنة ٦٣ ق. م ولما أراد الرومان إضافة فلسطين إلى ولاية الشام الرومانية ثار اليهود فأدى ذلك إلى حصار بيت المقدس وخراب معبد سليمان على يد تيتوس سنة ٦٦ ب. م وثار اليهود في فلسطين بقيادة باركوخبا ١٣٢ - ١٣٥م فحاربهم ادريانوس الروماني وأخضعهم بعد حرب هائلة قتل فيها قائدهم، وأصبحت سورية ولاية رومانية سنة ٦٤ ولما وقعت الفتن بين اليهود والرومانيين في فلسطين سنة ٦٦ لم يبق من مملكة اغربيا وهي الجولان أحد من أهلها. لأن اغربيا مضى لزيارة غلوس والي سورية في قيسارية وأناب عنه رجلا اسمه فاروس، فأتى إليه وجهاء بعض المدن من اليهود يسألونه أن
يرسل إليهم جنودا يسهرون على راحتهم، فبدلا من أن يحسن ملتقاهم بعث قوماً قتلوهم ليلاً عن آخرهم. ثم لم يدع جورا ولا اعتسافا إلا وأقدم عليه. ولما بلغت اغربيا أخبار ظلمه عزله ولم يقتله لاتصال نسبه بأحد ملوك العرب.
وزحف غلوس إلى زابلون فقر أهلها إلى الجبال فانتهبها وأحرق بيوتها التي لم تكن أبنية صور وصيدا وبيروت أحسن منها، ونهب وأحرق القرى المجاورة لها وعاد إلى عكا، فنشط اليهود لعودته وطاردوا السوريين فقتلوا منهم ألفي رجل أكثرهم من بيروت، ثم سار غلوس إلى قيسارية وأرسل كتائب من جيشه إلى يافا فباغتوا أهلها وقتلوهم عن آخرهم ونهبوا المدينة وأحرقوها وكان عدد الفتلى ثمانية آلاف وأربعمائة.
وأرسل غلوس أيضاً حملة إلى السامرة قتلت كثيرين من أهلها ثم