للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا وحوشاً صادفت في غابها ... آمناً فاستقبلته بالسهام

إلى أن قال:

بئس مصر قد خلت من حاكم ... جور سلطان ولا عدل العوام

قال مشاقة خلال كلامه على فلاح مسلم رأى نصرانيا بين القتلى الذين أهلكهم الجزار على باب عكا فأخذوه إلى قريته وضمد جراحه ولما عوفي حمله إلى دمشق لئلا ينتقل خبره إلى ذاك الطاغية: فهذه القصة ذكرتني ما ورد في الإنجيل الشريف عن السامري الذي ضمد جراحات الواقع بين اللصوص، ولكن ما عمله هذا المسلم مع النصراني هو أعظم لأنه خاطر بنفسه لكي ينقذ الغريب عنه الذي لم يكن يعرفه قبلا، وهكذا يوجد من الصلاح والمروءة بين المسلمين من يسدون المعروف للغرباء عنهم، وكفى دليلا على ذلك ما شوهد بالعيان من أعمال حضرة الأمير عبد القادر الجزائري والمرحوم صالح آغا المهايني والكثير غيرهم من أتقياء المسلمين من طبقات مختلفة في حادثة سنة ١٨٦٠ فقد صانوا ستة عشر ألف نسمة مسيحية عن الذبح بسيف الأشقياء والثائرين الذين لم تصنهم حكومة دمشق لغاية لم تعد مكتومة وهي لم تعترف بها ولكن القرائن أثبتتها والتفوه بها

ممنوع اهـ.

-

[من المسؤول عن هذه الفتنة الشعواء:]

كانت هذه الفتنة سبب خراب قسم عظيم من مدينة دمشق، كما خربت مئات من القرى في لبنان، وخربت زحلة وحاصبيا وراشيا ودير القمر إلا قليلا، وأهم ما خرب الكنائس والأديار القديمة والبيوتات التاريخية الجميلة، وهام كثير من نصارى دمشق وغيرها على وجوههم في الأرض، ومنهم من هاجر إلى مصر وقبرص واليونان والأستانة وأصيب المسلمون بأضرار كثيرة، ولربما نجا المجرمون وقتل من كان جرمهم خفيفا. والذنب كل الذنب على الحكومة وعمالها أولا لما أبدوه من الضعف ثم على الأقرب فالأقرب من الأعيان والمشايخ والخاصة ثم على العامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>