الكاثوليك وإنكلترا تتشيع للدروز، وكل هذا من السياسات التي تريد بها هاتان الدولتان توسيع نفوذهما في سورية أو ضرب إحداهما بالأخرى، فلما أخذت الدولة أهبتها لتأديب الدروز قام سفير إنكلترا في الأستانة يشكو من ذلك، ويكرر التردد على المابين والباب العالي فأصبحت الأوامر ترد تترى بحل هذه العقدة حلاً سلمياً.
ومن جملة تدخل فرنسا أنها تجاهرت بحماية يوسف كرم قائم مقام النصارى في شمالي لبنان لما ثار على متصرفه داود باشا لما أراد زيادة خراج لبنان من ٣٥٠٠ كيس إلى ٧٠٠٠ كيس ليزيل العجز من موازنة الجبل فنال من عسكر التصرف فاستنجد هذا بواليي دمشق وبيروت فأرسلا إلى متصرف الجبل زهاء عشرة آلاف مقاتل فسارت إلى كرم. وعندها تدخل قنصل فرنسا في الأمر ومنح الحماية الفرنسية ليوسف كرم فركب من بيروت على دارعة قاصداً إلى فرنسا وكان ذلك سنة ١٨٦٦.
[المصلح مدحت باشا وطبقته من العمال:]
اضطر مدحت باشا أن يتخلى ويا للأسف عن ولاية سورية وقد طبق مفاصل الإصلاح في أرجائها الواسعة على أسرع ما يمكن، أنشأ الطرق والمكاتب والمدارس ونشط الصناعات والزراعة، وضرب على أيدي المرتشين، ونشر الحرية الشخصية، واقن الحكام والمحكوم عليهم دروساً في الوطنية والشعور بالواجب وكان يرجى للشام أن تسبق الأستانة في الحضارة بفضل إصلاحاته لو طالت أيامه وأيام غيره من الولاة المقتدين أمثال ضياء باشا في دمشق، ورستم باشا وداود باشا في لبنان، وكامل باشا في حلب ممن كانوا بسيرتهم معلمين للحكام، وضعوا لهم أصول الإدارة، وحرصوا حقيقة على إمتاع الناس بالعدل
وأعمال العمران، فكانوا حجة على الدولة بأنها تستطيع الإصلاح إذا أرادته على قلة الرجال لديها على شرط أن تتركهم يعملون بوجداناتهم وعقولهم، وما عهد إليهم تنفيذه من القوانين الكافية بمعرفة أرباب النزاهة من رجال الشام.
وقد تعاقب على دمشق خلال هذا القرن ٦١ والياً وعلى حلب ٥٢ والياً