ولا عيباً ولا نبزاً أنبز به. وقال إبراهيم: إنه ولي دمشق سنتين ثم أربع سنين بعدهما لم يقطع على أحد في عمله طريق. وأخبر أن الآفة كانت في قطع الطريق في عمل دمشق من ثلاثة نفر: دعامة والنعمان موليان لبني أمية، ويحيى بن أرميا من يهود البلقاء، وأنهم لم يضعوا أيديهم في يد عامل قط، فكاتبهم فارعوى الاثنان وأبى الثالث أداء الجزية فقتل في معركة، وساد الأمن في القطر.
ولكن هذه السياسة لم يجر العمل بها دائما، فقد ذكروا أن إبراهيم ابن صالح والي دمشق في خلافة الرشيد لما خرج منها في الوفد الذي قدم به على الرشيد استخلف ابنه إسحاق على دمشق، وضم إليه رجلا من كندة يقال له الهيثم بن عوف. فغضب الناس وحبس رؤساء من قيس، وأخذ أربعين رجلا من محارب فضربهم وحلق رؤوسهم ولحاهم، وضرب كل رجل ثلاثمائة، فنفر الناس بدمشق وتداعوا إلى العصبية ونشبت الحرب ورجعوا إلى ما كانوا عليه من القتل والنهب فلم يزالوا على ذلك أشهراً.
[قيس ويمن وفتنة المبرقع:]
ولي دمشق بعد إبراهيم بن المهدي سليمان بن المنصور فانتهبه أهل دمشق وسبوا حريمه، وولي بعده منصور بن المهدي، وكانت على رأسه الفتنة العظمى ولم يؤد القوم طاعة بعد ذلك، إلى أن افتتح دمشق عبد الله ابن طاهر في سنة عشر ومائتين. ووقعت بدمشق فتن على عهد الأمين، وسببها على ما ذكروه أنه كان
يعجبه البلور فدس عامله فأخذ له قلة دمشق من جامعها فلما شعر الدمشقيون قالوا: لا صلاة بعد القلة فصارت مثلا وافتتن الناس وامتدت فتنتهم، ولما ولي المأمون أرجع القلة إلى محلها. ولعل مسألة القلة أوجدها أنصار المأمون على الأمين حتى لا تبقى ناحية في المملكة إلا وتشعر بكراهة الأمين. وكتب المأمون في سنة ٢١٨ إلى عامله على دمشق في التقدم إلى عماله في حسن السيرة وتخفيف المؤونة وكف الأذى عن أهل محله. قال: فتقدم إلى عمالك في ذلك أشد التقدمة، واكتب إلى عمال خراجك بمثل ذلك. وكتب بهذا إلى جميع