وفي أيام المعتصم ٢٢٤ خرجت رجال دمشق على أبي المغيث الرافعي واليها في طلبهم محمد بن أزهر، وكان قد عاث في مرج دمشق ونفر أهلها وأجلاهم عنها، فخرج رجل من بني حارثة اسمه يزيد في جماعة وغيرهم من يمن، واجتمعت قيس بمرج دمشق وأقبل محمد بن أزهر، فلما صار إليهم خرجوا عليه وجرح وقتل من الجند خلق، ووثب ابن لمحمد بن صالح على بعض أمراء السلطان وأخذه في جماعة من قيس بحوران، وأقبل إلى مرج دمشق وصار مع يزيد وحاصر دمشق حصارا شديدا، وغلقت أبواب دمشق ولم يخرج أحد إلا اختطف. ولما مات المعتصم ٢٢٧ ثارت القيسية بدمشق وعلى رأسهم ابن بيهس الكلابي فعاثوا وأفسدوا وحصروا أميرهم فبعث الواثق إليهم رجاء بن أيوب، وكانوا معسكرين بمرج راهط، فنزل بدير مران ودعاهم إلى الطاعة فلم يرجعوا، فواعدهم الحرب بدومة فوافاهم فقاتلهم فهزمهم وقتل منهم نحواً من ألف وخمسمائة، وقتل من أصحابه نحو من ثلاثمائة وهرب مقدمهم ابن بيهس وصلح أمر دمشق. وقال ابن عساكر: إن الذين ثاروا هم أهل الغوطة والمرج، ومن قرى الغوطة الثائرة كفر بطنا وجسرين وسقبا وقرى جرش ومن انضوى إليهم،
وأصيب من ذلك جماعة كثيرة، وقاتلهم العامل في مجمع عسكرهم بكفر بطنا وهي لقيس، وثار الناس من النواحي، وقتلوا الأطفال وجرحوا النساء وهزمهم.
وسار رجاء إلى فلسطين لقتال تميم اللخمي، ويعرف بأبي حرب ويلقب بالمبرقع الخارج بها في لخم وجذام وعاملة وبلقين، فقاتله فانهزم المبرقع وأخذ أسيراً سنة ٢٢٧، وكان المبرقع من أهل الغور خلع الطاعة ودعا إلى نفسه فتبعه خلق كثير من الحراثين وغيرهم وقالوا: هذا هو السفياني المذكور أنه يملك الشام، واستفحل أمره جدا واتبعه نحو مائة ألف فأنفذ المعتصم إليه جيشا، فلما قدم الأمير رأى أمة كبيرة قد اجتمعت حوله، فخشي أن يناجزه والحالة هذه فانتظر حتى جاء وقت حرث الأرض، فتصرَّم عنه الناس إلى أرضهم، وبقي في شرذمة قليلة من