ما صالحتم عليه أهل دمشق ففعلوا، ولما فرغ أبو عبيدة من دمشق سار إلى حمص فاستقراها وأجرى صلحها على مثل صلح بعلبك، ثم مضى نحو حماة فتلقاه أهلها مذعنين، فمضى نحو شيزر وبلغت خيله الزراعة والقسطل.
ومر أبو عبيدة بمعرة النعمان فخرج أهلها يقلسون يلعبون بين يديه ثم أتى فامية قلعة المضيق ففعل أهلها مثل ذلك، وبعث خالد بن الوليد إلى البقاع ففتحه بالسيف، وبعث سرية فالتقوا مع الروم بعين ميسنون وعلى الروم رجل يقال له سنان تحدر على المسلمين من عقبة بيروت، فقتل منهم يومئذ جماعة من الشهداء، فكانوا يسمون عين ميسنون عين الشهداء. واستخلف أبو عبيدة على دمشق يزيد بن أبي سفيان شقيق معاوية كما وعده بها الصديق، فسار يزيد إلى صيدا وبيروت وجبيل وعرقة ففتحها فتحاً يسيراً، وبعث يزيد دحية بن خليفة إلى تدمر في سرية ليمهدوا أمرها، وبعث أبا الزهر القشيري إلى البثنية وحوران فصالح أهلهما.
[قنسرين وحلب وإنطاكية وكور الشمال:]
وسار أبو عبيدة إلى قنسرين فصالحه أهلها على مثل صلح حمص، وغلب المسلمون على أرضها وقراها، ثم سار إلى حلب وحاصرها ففتحها، وبعث أبو عبيدة بعد فتح حمص خالد بن الوليد إلى قنسرين فلما نزل بالحاضر زحف إليهم الروم وعليهم ميناس، وهو رأس الروم وأعظمهم فيهم بعد هرقل، فالتقوا بالحاضر فقتل ميناس ومن معه مقتلة عظيمة لم يقتلوا مثلها. فأما الروم فماتوا على دمه حتى لم يبق منهم أحد، وأما أهل الحاضر فأرسلوا إلى خالد أنهم عرب، وأنهم إنما حشروا ولم يكن من رأيهم حربه فقبل منهم وتركهم.
وسار أبو عبيدة إلى إنطاكية وقد لحق بها خلق من أهل جند قنسرين، فلما صار بمهروبة قريب فرسخين من إنطاكية لقيه جمع للعدو ففضهم وألجأهم إلى المدينة فحاصرها، ثم صالحه أهلها على الجزية والجلاء فجلا بعضهم وأقام بعضهم.