من الحنطة، ولما كان يزرع في الربعة أرض تستوعب ٥٠ - ٦٠ مداً من البذار، فإذا أغل المد أربعة أمثاله أو خمسة أمثاله تكون الأجرة التي استوفاها صاحب الأرض معادلة
لربع المحصول أو خمسه.
وكلما كانت القرية في منطقة سكانها كثار وأرضها ضيقة، يزداد المقدار الذي يستوفيه صاحب الأرض من المحصول والعكس بالعكس. ففي البقاع مثلاً يأخذ صاحب الأرض نصف المحصول ويؤدي العشر منه إلى الحكومة. وفي الحولة حيث الأرض تروى تكون حصة صاحب الأرض ثلث المحصول ويكون عشر المحصول عليه. أما في الغوطة والمرج فحصة صاحب الأرض الثلث لكنه لا يدفع إلى الحكومة سوى عشر هذا الثلث، وعلى الفلاح أن يدفع العشر عن ثلثيه.
هذه بعض طرائق استثمار الأرض وتعود فيها جميع النفقات والأتعاب على الفلاح. أما إذا أحب صاحب الأرض أن يكون رأس مال الاستثمار منه فالفلاح الذي يشتغل في أرضه يسمى مرابعاً وهو مطالب بأعمال فدان من البقر زرع نحو ثمانية هكتارات حبوباُ وتجهيز مثلها للسنة القادمة. ويأخذ ربع المحصول أو خمسة بعد رفع العشر من المجموع في الغالب.
[إقراض الزراع:]
يعوز الفلاحين في الشام النقود الكافية لاستثمار أرضهم عل مقتضى قواعد الفن. وهم كثيراً ما يستدينون المال من المرابين بفوائد فاحشة لا يبعد أن تبلغ ١٠٠ في المائة أحياناً. ولهذا ترى غلة أرضهم تكاد لا تكفيهم للإنفاق على حاجياتهم الضرورية وقلما ترى فلاحاً في سعة، يكدحون كلهم طول السنة لتحصيل بُلغة من القوت، وسبب ذلك ضيق ذات يد الفلاح، فهو لا يستطيع أن يحرث الأرض حرثاً عميقاً بأبقاره الصغيرة المهزولة التي لا تُعلف غير التبن، ولا يستطيع أن يبتاع آلات زراعية حديثة أو أسمدة معدنية، ويستحيل عليه أن يخزن محصوله بقصد بيعه عندما يغلو ثمنه، لأنه في حاجة دائمة إلى المال. والسعيد من الفلاحين من لم يثقل الدين كاهله ومن كان مفلتاً من براثن المتغلبين والمرابين.
اتضح للحكومة العثمانية أن الأكارين وأصحاب الأرض في حاجة كبيرة