فسار إليها بأهله، واستوطنها وأخرج وزيره الجزري في الليل في جملة الصناديق خوفاً عليه من القتل فأخذ أموالاً عظيمة وهرب إلى بلده.
سلم الأفضل دمشق لعمه العادل على حكم ما كان وقع عليه الاتفاق بينهما، فتسلمها العادل على أن يكون ثلث البلاد للعادل والثلثان للأفضل وهو السلطان، ورحل العزيز وأبقى له العادل السكة والخطبة بدمشق.
[استئثار العادل بالملك الصلاحي:]
توفي الملك العزيز عثمان في مصر ٥٩٥ وعمره سبع وعشرون سنة وأشهر وكان في غاية السماحة والكرم والعدل. والرفق بالرعية والإحسان إليهم ففجعت الرعية بموته فجعة عظيمة لأنه شبل من أسد، وكان الغالب على دولته فخر الدين جهاركس فأقام في الملك ولد العزيز الملك المنصور محمد واتفقت الآراء على إحضار أحد بني أيوب ليقوم بالملك، وعملوا مشورة بحضور القاضي الفاضل فأشار بالملك الأفضل وهو حينئذ بصرخد فأرسلوا إليه فسار محثاً، ووصل إلى
مصر على أنه أتابك أي مربي الملك المنصور بن الملك العزيز، وكان عمر الملك المنصور حينئذ تسع سنين وأشهراً. ولما وصل الأفضل إلى بلبيس التقاه العسكر فتنكر منه فخر الدين جهاركس وفارقه وتبعه عدة من العسكر وساروا إلى الشام، وكاتبوا العادل وهو محاصر ماردين، وأرسل الظاهر إلى أخيه الأفضل يشير عليه بقصد دمشق وأخذها من عمه العادل، وأن ينتهز الفرصة لاشتغال العادل بماردين، فبرز الأفضل من مصر وسار إلى دمشق، فبلغ العادل مسيره، ونزل الأفضل على دمشق وجرى بين العم وابن أخيه قتال، وهجم بعض عسكر الأفضل المدينة حتى وصل إلى باب البريد ولم يمدهم العسكر، فتكاثر أصحاب العادل وأخرجوهم من البلد، ثم تخاذل العسكر فتأخر الأفضل إلى ذيل عقبة الكسوة، ثم وصل إلى الأفضل أخوه الظاهر فعاد إلى مضايقة دمشق، ودام الحصار عليها وقلت الأقوات عند العادل وعلى أهل البلد، وأشرف الأفضل والظاهر على ملك دمشق، وعزم العادل على تسليم البلد لولا ما حصل بين الأخوين الأفضل والظاهر من الخلف.
روى سبط ابن الجوزي أنه لما اشتد الحصار على دمشق وقطعت أشجارها