عسكر حلب في خدمة العادل كلما خرج إلى الحرب والتزم الظاهر بذلك إلا أنه أخذ بتحصين حلب خوفاً من عمه العادل وأرسل المنصور للعادل يعتذر مما وقع منه من أخذه بعرين من ابن المقدم، فقبل العادل عذره وأمره بردها إلى
صاحبها الأول. وسار ٥٩٧ الظاهر وملك منبج وخرب قلعتها وملك قلعة نجم وأفامية وكفرطاب من ابن المقدم، وأرسل إلى المنصور صاحب حماة يبذل له منبج وقلعة نجم على أن يصير معه على العادل، فاعتذر صاحب حماة باليمين في عنقه العادل، فلما أيس الظاهر منه سار إلى المعرة وأقطع إقليمها واستولى على كفرطاب، ثم سار إلى أفامية وبها قراقوش نائب ابن المقدم، فلم يسلم هذا القلعة إلا بعد الحرب الشديدة، فرحل الظاهر وتوجه إلى حماة وقاتلها أشد قتال، فلما لم يحصل على غرض صالح المنصور على مال يحمله إليه قيل إنه ثلاثون ألف دينار صورية، ثم رحل الظاهر إلى دمشق وبها المعظم ابن العادل فنازلها الظاهر هو وأخوه الأفضل، وانضم إليهما ميمون القصري صاحب نابلس، ومن وافقه من الأمراء الصلاحية، واستقرت القاعدة بين الأخوين الأفضل والظاهر أنهما متى ملكا دمشق يتسلمها الأفضل ثم يسيران ويأخذان مصر من العادل ويتسلمها الأفضل، وتسلم دمشق حينئذ إلى الظاهر، بحيث تبقى مصر للأفضل، ويصير الشام جميعه للظاهر.
وفي سنة ٥٩٨ سار العادل من دمشق ووصل إلى حماة ونزل على تل صفرون وقام المنصور صاحب حماة بجميع وظائفه وكلفه، وبلغ الظاهر صاحب حلب وصول عمه العادل إلى حماة بنية قصده ومحاصرته بحلب فاستعد للحصار، وراسل عمه ولاطفه وأهدى إليه، ووقعت بينهما مراسلات ووقع الصلح وانتزعت منه مفردة المعرة، واستقرت للمنصور صاحب حماة، وأخذت من الظاهر أيضاً قلعة نجم، وسلمت إلى الأفضل، وكان له سروج وسميساط، وسلم العادل حران وما معها لولده الأشرف موسى وسيره إلى الشرق. ولما استقر الصلح بين العادل وابن أخيه الظاهر، رجع العادل إلى دمشق وأقام بها وقد انتظمت الممالك الشامية والشرقية والديار المصرية كلها في سلك ملكه وخطب له على منابرها وضربت
السكة فيها باسمه.
[الأحداث في عهد العادل واهتمامه بحرب الصليبيين:]
مضت تسع سنين على وفاة الملك الناصر صلاح الدين يوسف حتى استقر ملك الشام لأخيه العادل أبي بكر بن أيوب وتخلص من أبناء أخيه الأفضل