بينا كانت أمور الدولة في الشام ومصر مختلة معتلة، لا تستقر على حال، والمتوثبون على السلطنة يكثرون ويقلون بضعف الملك وقوته، جاء تيمورلنك من الشرق، بجيوش جرارة لا قبل للمالكين زمام الأمر بدفعها فأصبح الشام بين عدوين داخلي وخارجي، كما أصبحت في أواسط القرن السابع بين عدوين أحدهما من الشرق وهم التتر والآخر من الغرب وهم الصليبيون. وتيمور هو ابن ترغاي بن أبغاي مؤسس مملكة المغول الثانية، ومعنى تيمور الحديد واللنك الأعرج أو الكسيح بلغتهم. سمي بذلك لأن راعياً ضربه فيما قيل بسهم في فخذه أدخله به في زمرة العرجان، وفي رواية أنه أصيب بسهم في الحرب في صباه. ولد تيمورلنك في قرية خواجه أيلغار من أعمال كش من مدن ما وراء النهر سنة ٧٣٧هـ ١٣٣٦م ومات في اوترار سنة ٨٠٧ - ١٤٠٥ بينا كان ذاهباً لفتح بلاد الخطا في الصين وجيء به إلى سمر قند فدفن فيها.
وكان تيمورلنك يمتُّ بقرابة بعيدة إلى آل البيت الملوكي من المغول ذرية جنكيز خان، وذلك من جهات الأمهات لا الآباء، ورأس أبوه قبيلة برلاس التركية وحكم ولاية كش وقد تيتم صغيراً وسلبه جيرانه إمارته، فتوسل تيمور إلى أمير كشغر ملك الجغتاي فأنعم عليه بولاية ما وراء نهر جيحون، ثم نزع يده من يد أمير كشغر وانضم إلى عمه حسين، ولما ماتت زوجته، وقيل إنه هو الذي قتلها بيده، أصبح تيمور في حل من أمره وداهم حسيناً وتغلب عليه واستولى على بلخ فاصبح ملكاً على بلاد الجغتاي كلها،