أمره واعتيض عنه بالحديد. وجودة الأصباغ القديمة كانت السر في اشتهار الديباج الدمشقي قديماً حتى أوشكت لطافته أن تجري مجرى المثل. وفي حلب اليوم نحو ٣٠ مصبغة بالنيل و٥٦ مصبغة للغزل والحرير وفي دمشق مثلها ونحوها وكذلك في كل بلد بحسب حجمه وأرباضه.
وكان من أصباغهم الأصفران أي الزعفران والورس، والبرفير أو الفرفير وهو الأرجوان أحمر وأزرق وكان ولم يزل للنيل الذي يخرج من الحولة أو يؤتى به من الهند، شأن في صبغ ثياب العملة والفلاحين. وانحطت هذه الصناعة تبعاً لانحطاط أكثر الصناعات، لما جاءت الأصباغ الألمانية الحديثة حتى إن بعض معامل ثياب الحرير ترسل حريرها إلى الغرب ليصبغ ويعاد إليها، فتعمل منه الشقق والثياب وتوشى على ما يشاءون، والوشي في الثوب كالرقش في القرطاس والنقش في الحائط، ويحاولون أن تكون ألوانها ثابتة لا تنصل.
[الفخارة والقيشاني:]
وصناعة الفخارين اشتهرت بها الشام أيضاً وكان في صور الخزافون المبدعون في الأعصر القديمة، وكذلك في كفر طاب، وكانت تعمل فيها قدور الخزف وتجلب إلى غيرها ومنها نموذجات لطيفة حفظت في داري الآثار في دمشق وبيروت، وكان ولا يزال يعمل من الخزف القلل والخوابي والأجانات والدوارق وأصاصي الزهور وغيرها، يصنع ذلك في حلب ودمشق وطرابلس وبيتشباب وصيدا وبيروت وغزة وعيتا وراشيا ويقال لهاتين البلدتين عينا الفخار وراشيا
الفخار وصناعة الفخار على كثرة منافسة الخزف الغربي لها لا تزال متماسكة، لأنه يتيسر جلب كل شيء من الخارج. وأجمل الخزف اليوم ما عمل في حلب من الصيني الجميل.
ومن الصناعات التي كانت تجود في دمشق وحلب من دون سائر البلدان على ما علمنا، صناعة القيشاني التي دثرت وكانت مورد ربح، وعنوان فخر ومباهاة. ترصف بها الجدران والمحاريب والفساقي والسلسبيلات والباذهنجات والقماقم والزهريات والقلل وغير ذلك. وكان يصنع على ما يظهر من الرمل