وبالحاضر الذي إلى جانب حلب منيع التنوخي. وقد كان يعقوب بن صالح الهاشمي يحارب الحاضر، فهرب أهل قنسرين، وكان بمعرة النعمان وتل منس وما والاها من إقليم حمص الحواري بن خيطان التنوخي. وبحماة وما والاها حراق البهرائي، وبشيزر وما والاها بنو بسطام، وبمدينة حمص بنو السمط، وأقام بدمشق والأردن وفلسطين جماعة من رؤساء القبائل حتى ولى المأمون عبد الله بن طاهر.
ولم تكد الشام تستريح من فتنة أبي العميطر حتى قام في أول عهد المأمون بدمشق رجل من بني أمية أيضاً، أسمه سعيد بن خالد الأموي العثماني الفدّيني، وادعى الخلافة، قام بعد أبي العميطر وأغار على ضياع بني شهيب شرنبث؟ السعديين، وتطلب القيسية وقتلهم، وتعصب ليمن، فجهز له محمد بن صالح ابن بيهس أخاه يحيى بن صالح، فلما صار بالقرب من حصنه المعروف بالفدّين هرب، فوقف يحيى حتى هدمه وخرب زيزاء، وتحصن سعيد في قرية ماسوح، ثم إنه جمع عليه جمعاً عظيماً زهاء عشرين ألفاً، فلم يجد محاربه إلى أن أجلاه عن مكانه وصار بعد ذلك إلى حسبان وفيه حصن حصين، فأقام به وتفرق عنه أصحابه.
[فتنة نصر بن شبث:]
وهكذا لم يخل عهد السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون من خلفاء بني العباس من فتن في هذه الديار، وبقيت نار العصبيات تتأجج. واليمانيون مع الأمويين، والقيسيون مع العباسيين، والدعوة للسفياني الذي وعد بإرجاع ملك بني أمية تهب وتنام، وقد ابتدأت أوائل خلافة المأمون بشيء من هذا القبيل. فقد عصى عليه نصر بن شبث العقيلي، وكان يسكن كيسوم شمالي حلب،
وكان في عنقه بيعة للأمين وله فيه هوى، فلما قتل الأمين أظهر نصر الغضب وتغلب على ما جاوره من الكور، وملك سميساط واجتمع عليه خلق كثير من الأعراب وأهل الطمع وقويت نفسه، وعبر الفرات إلى الجانب الشرقي،