والآخر إلى مملكتهم الجديدة. وما يدرينا أيضا إذا كان من نزلوا الشام يستعربون كما تترك أجدادهم في آسيا الصغرى. وأصبح الأرمني والرومي لا يعرف غير التركية يتكلم بها في داره ويفهم بها صلواته، أم يؤلفون كتلة جديدة في وسط هذا المجموع العربي الكبير.
[عوامل النمو:]
ولولا أن مضى على الشام إلى قبيل الحرب العامة الأولى خمسون سنة وهو يرسل من أبنائه كل سنة إلى اليمن زهاء عشرة آلاف مجند يهلك أكثرهم كما أكد لي الثقة لقلنا ما زالت جزيرة العرب إلى اليوم ترسل إلى الشام من أبنائها أناسا يسكنونها ويمتزجون بأهلها كأن هذه الجزيرة العظيمة بعض ولايات الشام تعطيها أكثر مما تأخذ منها كما تعطي المدن الصغيرة للعواصم وقلما تعطي هذه لغيرها من أعمالها. ولولا اعتدال المناخ والرضا بالدون من العيش وتعدد الزوجات في الطبقة النازلة من الشعب والاعتقاد بالقدر وترك الأبوين المجال للتوالد لظهر عجز كبير في عدد السكان خصوصا بعد أن مُنيت الشام بالهجرة على مقياس واسع وغفل عن العناية بالأسباب الصحية. والأمم يكثر سوادها على قول سكريتان بأربعة عوامل وهي الهجرة والاستيطان والولادات والوفيات وبنقيضها تقفز الأرض ويقل ساكنوها. وقد كان أبناء الشام منذ عهد الدولة الرومانية في كل مكان كما تراهم الآن وكان منهم في جيش جرمانيكوس القائد الروماني عدة كتائب
عندما حمل حملته على الرين. والبشر في فطرتهم التنقل وللسلطان الأرضي والسلطان الطبيعي آثار في ذلك مسطورة مشهورة.
[العرب في الشام والاختلاط:]
وما زالت إلى اليوم سحنات بعض سكان الأصقاع الشامية كحوران والبلقاء تنم عن أُصول عربية صرفة على ما نرى ذلك ماثلا في الطوائف التي