إليها وحاصرها ثانيةً عشرة أشهر ثم صالحها وتسلمها، وكان سليمان بن هشام في سبعين ألفاً وقتل زهاء ثلاثين ألفاً.
[إدبار الأمويين:]
وما زالت الحال على ذلك حتى استقامت لمروان الشام كلها، ثم قوي أمر أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية بخراسان، ودعا علناً لبني هاشم وقتل عسكر الأمويين. ولما بايعوا بالخلافة في الكوفة لأبي العباس سراً وجه عمه عبد الله بن علي لقتال مروان، وكان مع مروان مائة ألف مقاتل ولا يكون مع عبد الله بن علي إلا الأقل من ذلك، فلقيه بالزاب قرب الموصل، فحاربه عبد الله بن علي فهزمه، ثم لم يزل في إثره وهو منهزم لا يلوي على شيء حتى أخرجه إلى الجزيرة، ثم أخرجه من الجزيرة إلى الشام، فجعل مروان لا يمرًّ بجند من أجناد الشام إلا انتهبوه، فلما اجتاز بقنسرين وحاضر حلب أوقعت تنوخ القاطنة بقنسرين بساقته ووثب أهل حمص وقالوا: مرعوب منهزم، فاتبعوه بعدما رحل عنهم فلحقوه على أميال فناشدهم فأبوا إلا مكاثرته وقتاله، فنشب القتال وأثار كمينين من خلفهم وكان قد نصبهما فهزمهم وقتلتهم خيله.
وسار مروان إلى دمشق فوثب به الحارث بن عبد الرحمن الحرشي، ثم أتى الأردن فوثب به هاشم بن عمر العنسي والَمذْحِجيون أي اليمانيون جميعاً، ثم مرَّ بفلسطين فوثب به الحكم بن ضبعان بن روح بن زنباع لما رأوا من إدبار الأمر
عنه. قال الدينوري: جعل مروان يستقري مدن الشام فيستنهضهم فيروغون عنه ويهابون الحرب فلم يسر معه منهم إلا قليل. قالوا. ولما صار مروان إلى دمشق وهو مضمر أن يتحصن بها لولا ما انتهبه أهلها ووثب عليه من بها من قيس فدخلها عبد الله بن علي العباسي عنوة، ومضى مروان إلى فلسطين هارباً حتى جاء مصر، فقاتل مروان في قرية بوصير قرب القاهرة حتى قتل وذلك في ذي الحجة ١٣٢، وبموته انقرض ملك بني أمية في المشرق وهو الرابع عشر من خلفائهم. وكان من رأيه أن