منظراً وذوقاً، ولو نظم جوهره لكان طوقاً، كأنما خرط من الصندل، وخلط بالمندل، وجمد من الثلج والعسل، وتصاحب هو والسلطان في الركوب والجلوس، والتناجي بما في النفوس.
وقال البدري: ومن خصوصيات دمشق الطرخون من بقول المائدة وكان يخرج
فيخا السذاب والرشاد وبقلة الحمقاء والماش والهندباء والكراويا والتوت الأسود والشامي. وكان يكثر فيها الكراز والوشنة وهو فيها سبعة أنواع. وذكر أن الورد جنس تحته ستة أنواع بدمشق ومنه الجوري والنسريني، والنرجس جنس تحته أنواع منها اليعفوري والبري، والمضعف وذكر منثورها وزنبقها وآذريونها وآسها وحبه وريحانها ونيلوفرها وبانها وحيلانها وزنزلختها وتمر حنائها وقراصياها وكمثراها ثلاثة وعشرون صنفاً وتفاحها ودراقها ستة عشر صنفاً وخوخها ثلاثة عشر صنفاً إلى غير ذلك مما كان غي القرن التاسع.
[الصناعات الزراعية القديمة:]
وكانت الزهور والورود من أهم فروع الزراعة، وللطيوب والعطور ومستقطرات الزهور، شأن وأي شأن منذ الأزمان المتطاولة. وكان للأقدمين على ما يظهر غرام شديد بالملاب العطر المائع والكباد اليابس، ويستعملون المسك والعنبر والزعفران كثيراً، ويولعون بالعَرف والأريجة، وكان لهم طيب يقال له الغالية وهي مسك وعنبر يعجنان بالبان قال ابن سيده: ويقال إن الذي سماها غالية معاوية بن أبى سفيان وذلك أنه شمها من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فاستطابها فسأله عنها فوصفها له فقال: هذه غالية. وقد حفظ لنا شيخ الربوة من أهل القرن الثامن شيئاً من الإشارة إلى كثرة الورد والزهر في دمشق فقال: إن العطر وغيره كان يستخرج في المزة من ضواحي دمشق من زهورها وورودها حتى إن حراقته تلقى على الطرقات وفي دروبها وأزقتها كالمزابل فلا يكون لرائحته نظير ويكون الذّ من المسك إلى مدة انقضاء الورد. وذكر صفة إخراجه في الكركات والأنابيق ورسم صورها والقرع والنبيق آلتان لصنع ماء الورد السفلى هي القرع والعليا على هيئة المحجمة هي الأنبيق قال: وغير هذه الكركة كركة أُخرى يستخرج منها الماورد وغيره من المياه بلا ماء بوقود الحطب وذلك