احتفل الصهيونيون سنة ١٣٤٣م بإنشاء جامعتهم العبرية في القدس يعلمون العلوم باللغة العبرانية ولا تمضي خمس عشرة سنة حتى تنبعث الديانة اليهودية والمدنية اليهودية من مراقدها، كما انبعثت منذ القرن الماضي في بيروت شعلة المدنية الأميركية والمذهب الإنجيلي من الجامعة الأميركية، وانتشرت المدنية الفرنسية والكثلكة من كلية القديس يوسف اليسوعية.
وفي ١٥ حزيران ١٩٢٣م أُسست في دمشق الجامعة السورية وهي ذات فرعين الطب والحقوق لتكون جامعة عربية للشام بالمعنى الذي يفهمه العلماء من الجامعات ثم أُضيفت إليها شعبة الآداب وألغيت بعد سنين، وما زالت اللغة العامية شائعة في مدرستي الطب والحقوق، لأن معظم المدرسين من الطبقة التي لا تقيم للعربية وزناً، فقد تخرجت في مدارس الترك لتكون من الموظفين في الحكومة العثمانية، ولم تُعن بالمطالعة والبحث ولا بالتأليف والترجمة، وبعض الشهادات التي كان العثمانيون يعطونها من مدارسهم مشهور أمرها، ومن الغريب أن توسد هذه الأعمال العلمية الجليلة إلى أُناس هم أتراك في تربيتهم وأفكارهم ومنازعهم في صميم بلاد العرب، وفي جامعة عربية يراد منها تكوين أمة عربية. ويرجى إدخال الإصلاح المنشود إلى هاتين المدرستين العاليتين إذا وُسدت مناصب التعليم فيهما إلى كفاة، يحسنون العربية إحسانهم العلم الذي يدرسونه وأن تصقل أماليهم بأيديهم صقلاً متقناً بحيث تصدر دروسهم عن علم أتقنوه وتمثلوه وهضموه وصار لهم ملكة خاصة، لا مترجمة في الأكثر عن التركية ترجمة جذماء عوجاء كما يفعلون إلى اليوم، ومتى كانت اللغة التركية لغة علم وعنها يؤخذ في مثل هذا العصر، والمعلوم أن لغات العلم ثلاث الإنكليزية والفرنسية والألمانية ليس إلا، ومتى كانت تربية الأعاجم تصلح للأمة العربية التي يجب أن تتكون بحسب تاريخها ومنافعها الحاضرة والمقبلة. وبعد عشرين سنة مضت على هذا التدوين
ارتقى مستوى التعليم في الجامعة السورية وارتقت اللغة العربية فيها باعتزال من ربوا تربية تركية ووسد إليهم أمر التعليم لأول إنشائها وجاء أساتذة أتقنوا العربية وآدابها وهم اليوم يلقون دروسهم